/ صفحة 24/
ما نعلم وما لا نعلم
لحضرة صاحب العزة الأستاذ الدكتور أحمد أمين بك
مدير الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية
وف مرة الأستاذ آينشتاين العالم الكبير عند درج صغير في أسفل مكتبته وقال: "إن نسبة ما أعلم إلى ما لا أعلم، كنسبة هذا الدرج إلى مكتبتي، ولو أنصف لقال: إنه أقل من هذه النسبة. فإنا لا نعلم أي شيء هو؟ إنا نعيش في عالم مملوء بالحقائق والقوى، ولا نعلم أي شيء هي؟ وهذا في الدنيا التي نعيش فيها ونلمسها ونزاول شئوننا فيها، فكيف بالعوالم الأُخرى البعيدة عنا؟ نقول إن العالم مكون من ذرات، ونقول إن الذرة مكونة من إليكترونات، أو من نواة وشحنة كهربائية سالبة وموجبة، ويتغير رأينا في تكوين الذرة بمعدل مرة في كل أربع سنوات، ونتبجح فنعمل من الذرة قنابل ذرية، ونحن لا نعلم عن حقيقتها شيئا، نقول إن الأجسام تسقط لقانون الجاذبية، والمصباح يشتعل بالكهرباء، ونسخر الكهرباء في إيجاد الحرارة والبرودة والحركة، وإيجاد الأمواج واستقبالها، ولكن ما الكهرباء؟ لا نعلم عن حقيقتها شيئا، إنما نعلم كيف تستخدم، بل الحياة نفسها لم نعرف حقيقتها، وإن كانت تسكن فينا وكل ما حولنا لا نعلم حقيقته وإنما نعرف أعراضه، وبعبارة أُخرى نعرف "كيف" ولا نعرف "ما" و"لماذا".
ما الحب، ما الجمال، ما القبح، ما الجرية، ما كل شيء معنوى؟ كل هذه لا نعرف عن حقيقتها، شيئا، وكل ما يستطيعه العقل أن يعرف صفاتها ما الدين، ما الخوف، ما الأمل، ما الشجاعة، ما الفضيلة، ما الرذيلة؟ لا شيء غير الصفات.