/ صفحة 247 /
عباد الله يجاهدون في سبيله، ويهدون بأمره، ويخشون جلاله، ويؤدون واجبه، لا يلهيهم شأن عن شأن، وتلك الصلاة هي صلاة الحرب، المعروفة عند الفقهاء باسم: صلاة الخوف، وفيها يقول الله تعالى (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبينا * وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أُخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذاباً مهينا. فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة، إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا).
دلالة تشريعها على أهمية الصلاة:
وفي تكليف المؤمنين بالصلاة وقت الحرب والاشتغال بقتال الأعداء وفي حالة ترقب الموت، دليل واضح على أهمية هذا الواجب في تزكية النفوس، وفي الحصول على رضاء الله وعطفه، وقد جاء مثل ذلك في سورة البقرة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين، فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً، فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون). ولا ريب أن الصلاة وهي مناجاة بين العبد وربه تبعث على مراقبة الله، واستشعار عظمته، وتجعل الإنسان في حذر دائم من مخالفة أحكامه، أو التقصير في حدوده، وبذلك يكمل للروح تهذيباً، وللنفس قوتها وصلاحها. وحسب المؤمنين في العناية بها أنها الركن الأول من أركان الدين بعد شهادة التوحيد والرسالة، وأنها أقدم عبادة عرفت مع الإيمان وحكيت عن الأنبياء والمرسلين، ويحدثنا القرآن أن ابراهيم يِسكن ذريته بواد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم، ثم يقول: (ربنا ليقيموا الصلاة) ويحدثنا عن عيسى وهو يقرر نعمة الله عليه: (وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني