/ صفحة 246 /
فيه، وتتبع أمثاله في القرآن الكريم لتستخلص الخلال السيئة التي هي عنوان الجندية الشريرة، والتي يشعل أصحابها نيران الفتنة في جوانب الأمة، وستجد فيها ما يجب على قادة الأمة وزعمائها أن يعرفوه، وأن ينتبهوا له وقت الإعداد، ووقت قيام الحرب بينهم وبين الأعداء، وفي كل وقت يتطلب الحيطة والحذر، وأن يتخذوا بإزائهم ما يجنب الدولة شرهم، ويقيها سوء خلالهم، وبذلك: يطمئنون إلى سلامة الأمة، ويأمنون جانب الشر والفساد.
هذا ما تضمنته الآيات مما يتصل بأخذ الحيطة والحذر.
الحرب سجال:
ثم تختم الآيات بعد ذلك بلفت الأنظار إلى شأن واقعي في الحروب يجب أن يعرفه المجاهدون في سبيل الله، فيعصم نفوسهم من عوامل اليأس، ويخفف عن كواهلهم ثقل العبء الذين يحملونه في القتال وبخاصة في حالة الهزيمة التي يتعرض لها كل مجاهد. ذلك الشأن هو أن مشقات الحروب، وما يكون فيها من نصر أو هزيمة قسمة بين الفريقين، يفرح أحدهما تارة بالنصر، ويحزن أُخرى بالهزيمة؛ فهم في سنة الحرب سواء، ولكن المؤمنين يمتازون عن خصومهم بأنهم جنود الحق، يقالتون في سبيل الله، وخصومهم جنود الباطل، يقاتلون في سبيل الطاغوت، (وإن جندنا لهم الغالبون) وفي ذلك يقول الله تعالى (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون وكان الله عليماً حكيما).
صلاة الخوف:
ولا يفوت الآيات في هذا السياق الطويل أن تنبه المجاهدين إلى ناحية من شأنها أن تقوى الروح المعنوية فيهم، تلك الناحية هي الالتجاء إلى الله والاتصال به عن طريق القيام بأحب واجب ديني إليه سبحانه وأقوى مزك للنفوس وهي الصلاة، فترخص لهم فيها كيفية خاصة لا تباح في غير السفر والحرب، وتأمر بالجمع بينها وبين أخذ الأسلحة والحذر، وهكذا تشعرهم أنهم في جميع حالاتهم