/ صفحة 241 /
هذه التماثيل بتفاسير كثيرة منها أنهم كانوا يعملونها كالحيوانات في أسفل الكرسي وكانت تتحرك بآلات عند الصعود، قال الألوسي: وقد انتهت صنائع البشر عند ذلك في الغرابة.
ولعل في ذلك أو في بعضه ما يدفع المسلمين إلى إنشاء المصانع التي تخرج لهم ما يحتاجون إليه في حفظ حياتهم، وتعصمهم من التطلع إلى ما بأيدي أعدائهم، غير مشغولين بشيء سوى الافتتان به والتعجب منه، والوقوف أمامه وقفة المبهوت المستغرب.
مقتضيات (أخذ الحذر):
هذا، وإذا كانت هذه هي الروح العامة التي يريد القرآن أن يوجه إليها المسلمين في استعدادهم الحربي، فإن آياتنا (خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) من أعم الآيات في ذلك، وأبعدها مرمى في توخي نواحي الاستعداد الحربي من جهة العدد والعدة، فقد أمرت الآيات بالاستعداد لمقاومة العدو، وتضمنت الإيحاء بتعليم الأمة جميعها فنون الحرب والقتال، ولفتت الأنظار إلى لزوم تطهير الجيش ـ وهو الأمة كلها ـ من عناصر الفتنة والتخذيل، وأشارت إلى ما يجب أن يتحلى به المجاهدون في سبيل الله من تحري المسالمين لهم والمحاربين، ولم يفت الآيات أن تغرس في نفوسهم ما يقوى عزائمهم ويجعلهم على صلة قوية من ربهم حتى في أوقات نشوب المعركة بينهم وبين أعدائهم؛ فأمرتهم بالركن الأول من أركان التصفية الروحية وهو: اقامة الصلوات مع أخذ الحذر وعدم الغفلة عن السلاح.
ولا ريب أن أخذ الحذر الذي أمرت به الآيات في أول ما أمرت يستدعي العلم بحال العدو في عدده وعدده، ومسالك بلاده، ويستدعى العلم بوسائل المقاومة والتدرب على العمل بها، وأن يكون ذلك التدرب عاماً لجميع الأمة حتى يتحقق النفير العام إذا دهمهم العدو، وأغار على جميع بلادهم، وذلك كما يشير إليه قوله تعالى (فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً).