/ صفحة 238 /
إليكم السٌلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم. الآية 91). وجدير بك أن تقف عند قوله تعالى: (عسى الله ان يكف بأس الذين كفروا) وقوله: (فإن لم يعتزلوكم) لتضع يدك على السبب الذي لأجله أمر المسلمون بقتالهم، وهو عين ما قررته آيات البقرة، ولم يخرج عن دائرته ما قررته سورتا الأنفال والتوبة، ففي سورة الأنفال قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) وفي سورة التوبة قوله تعالى (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلواأئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون. ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة؟). (وقاتلوا المشركين كافة، كما يقاتلونكم كافة).
أقرأ هذه الآيات كلها ورددها في نفسك متدبراً إياها لتعلم أن سبب القتال في الإسلام ينحصر كما قلنا في رد العدوان، وإشاعة الأمن والاستقرار، وحماية الدعوة، والقضاء على الفتن التي يثيرها أرباب المطامع والأهواء؛ ولتعلم أيضاً أن الإسلام حينما شرع القتال نآى به كما قلنا من جوانب الطمع والاستئثار وإذلال الضعفاء، واتخذه طريقاً إلى السلام العام بتركيز الحياة على موازين العدل والمساواة (ليقوم الناس بالقسط).
وليصل المسلمون بالقتال إلى الغاية السامية التي ربطها الله به، لفت القرآن أنظار المؤمنين إلى أن النصر معقود بتقوية الروح المعنوية في الأمة، وبإعداد القوة المادية وتنظيمها بما يحقق لهم النصر والغلب.
القتال في سبيل هذه الأهداف هو الجهاد في سبيل الله:
وفي تقوية الروح المعنوية يرشدهم إلى أن القتال في هذه الدائرة، قتال في سبيل الله الذي يضاعف ثواب المصلحين وأجر المجاهدين، قتال في سبيل إنقاذ الضعفاء، والبر بالإنسان ومقاومة الجبروت والطغيان. وإلى أنه سبحانه قد كتب على نفسه بذلك الأجر العظيم للمجاهدين في سبيله عهداً بينه في جميع كتبه المنزلة. وأقرأ في ذلك كله قوله تعالى سورة النساء (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون