/ صفحة 234 /
بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد ورسله). وتضمنه قوله تعالى في سورة النساء (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورذ ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما).
وناداهم بعد ذلك فيما يختص بحفظ الدولة وصيانة أسرارها ورعاية شخصيتها، والإبقاء عليها من الانحلال والذوبان في غيرها باسم المصالح والصدقات (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبينا).
وقد سبق مثل هذا التحذير في سورة آل عمران وعرضنا هناك للحد الفاصل بين ما يجوز للمؤمنين من مخالطة غيرهم وما لا يجوز لهم من ذلك. كما سبق لنا التحدث عما احتوت عليه أكثر هذه النداءات التي وجهت إلى المؤمنين في سورة النساء، وقد بقى منها نداءان اثنان وهما يتعلقان بما يجب على المؤمنين أن يتخذوه في سبيل استقرارهم الخارجي الذي بدأته السورة بالنداء الذي صدرنا به ذلك المقال (يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً).
عرضت سورة النساء فيما قبل هذه الآية إلى كثير من الأحكام التي يجب أن يتخذها المسلمون أساساً لتنظيم شئونهم الشخصية والمدنية والدينية، كما بينت مصادر التشريع، وأساس الحكم الذي يحفظ على الأمة كيانها الداخلي، وحذرت في ذلك كله متابعة الأهواء، والتمرد على هذا التشريع.
لا بد للحق من القوة:
ثم أوردت هذه الآيات، ترشد فيها إلى ما يجب في سبيل المحافظة على الأمة من اتخاذ الحيطة والحذر من الأعداء، الذين يعملون جهدهم في زعزعة الحكم