/ صفحة 232 /
الجلال والجمال، التي تأبى الحلول والاتحاد، كما تأبى البنوة التي زعموها لبعض رسله الكرام. وفيه الآيات الواضحات على أن رسولاً يأتي بعد التوراة والإنجيل، مصدقاً لما فيهما من أصول الدين وأركان الهداية، وإذن يكون إعراضهم عن رسالة هذا الرسول الذي جاء مصدقاً لما معهم، وغلوهم في رسولهم، وقد دعاهم إلى توحيد الله، وتنزيهه عن الوالد والولد؛ يكون هذا وذاك غير ملائم لاتصافهم بذلك الوصف وهو أنهم أهل الكتاب، ويكون موقفهم من الرسول، ورأيهم في الألوهية مما لايتفق ونسبتهم إلى الكتاب، ويكون موقفهم من الرسول، ورأيهم في الألوهية، كما يسجل عليهم به عدم أهليتهم لهذا الانتساب. ويبرزهم في صورة عجيبة: يدعون أنهم أهل كتاب، أو هم أهل كتاب، ثم ينكرون ما يقرره ذلك الكتاب. تناقض يثير العجب، ويرد عقلاءهم إلى تدبر شأنهم حتى يصححوا موقفهم في نظر أنفسهم، وفي نظر العقلاء جميعا.
يأيها الذين آمنوا:
أما نداءات (المؤمنين التسعة) فهي متعلقة بأحكام دعاهم إليها من آمنوا به، وبلغهم إياها رسوله، ونزل عليهم بها كتابه. ولا ريب أن مقتضى الإيمان أن يحافظوا عليها، وأن يعملوا على نشرها ورعايتها. وقد تناولت هذه النداءات جملة من النواحي التي يعتبر تنظيمها من أهم العناصر التي يتوقف عليها صلاح الجماعة وسعادتها.
ناداهم فيما يختص بأساس الأسرة (يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن).
وناداهم فيما يختص بالمال (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
وناداهم فيما يختص بأهم أركان التهذيب الروحي وموقف المراقبة والمناجاة وهو الصلاة (يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا).
وفي هذا النداء إيحاء بوجوب العمل على تصفية النفس في مواقف الخير عما