/ صفحة 200 /
قواعد المذهب وأصوله، وتأتي بعثات منهم إلى تونس والجزائر ومراكش، وأحياناً إلى مصر لدرس العربية والتفسير والأصول، أما العقائد والفقه فهم يدرسونها على شيوخهم، ولا تكاد تحس بأي فرق ولا تشعر بأقل وحشة بينهم وبين أصحاب المذاهب الأُخرى في شمال إفريقيا، لأن أخوة الإسلام القوية في المغرب تطغى على كل شيء، وكثيراً ما يحصل النقاش بينهم في مسائل الخلاف ولكن بكل أدب وتسامح، وفي الكفاح الوطيء يشتركون مع إخوانهم جنباً لجبن.
المذهب المالكي:
عند ما كان النزاع بني الخوارج وأهل السنة والشيعة في الأصول أو السياسة العليا، لم تكن قد ظهرت مذاهب الفروع رغم ارتحال بعض العلماء المشهورين من أهل السنة التونسيين إلى المشرق لطلب العلم، ورواية الحديث بالخصوص كعبد الرحمن بن زياد، وأسد بن الفرات، فإن المذهب المالكي لم يبرز كمذهب إلا على يد الإمام سحنون بن سعيد التنوخي في أواخر القرن الثاني 190هـ، لما ضبط هذا المذهب في كتابه (المدونة الكبرى) ومذهب الإمام مالك هو المذهب المنتشر انتشاراً عظيماً في بلاد المغرب ـ ليبيا وتونس والجزائر ومراكش ـ وحتى سوادين أواسط وغربي أفريقيا، وبلغت تآليف علماء هذا المذهب في فروعه العدد العظيم، طبع منها ما طبع وبقي الكثير منها مخطوطاً نادراً يتباهى العلماء بحيازته في خزائهم الخاصة، ويدرس مع العلوم الدنية واللغوية في الكليات الشهيرة في هذه الأقطار، فأهل الصحاري والسوادين يدرسون في تنبكتو وشنجيط وفي مراكش في جامع القرويبن، وفي الجزائر معهد بن باديس أخيراً، وفي تونس جامع الزيتونة، وفي ليبيا جامع الباشا.
الشيعة:
نتبع في ذكر المذاهب تاريخ وحودها، فإذا كان مذهب الخوارج وجد سنة 134هـ، ومذهب ملك من أهل السنة حوالي سنة 191هـ، فإن مذهب الشيعة لم يظهر في شمال إفريقيا إلا في أواخر القرن الثالث وبداية الرابع.