/ صفحة 199 /
وينتكس السير ولا منجاة من ذلك إلا بإرجاع الأمور إلى أهلها، والضرب على أيدي المترامين عليها والرجوع إلى الله ورسوله فيها.
فرق ومذاهب:
اعتاد المؤرخون أن يطلقوا على المختلفين في الأصول فرقاً، وعلى المختلفين في الفروع (العبادات والأحوال الشخصية) مذاهب، وقد عرفت شمال إفريقيا منذ حدوث الإختلاف الأول في الإسلام من الفرق ـ فرقة الخوارج ـ جاء بها عكاشة الصفري إلى تونس ودعى إليه بين البربر من سكانها، فكانوا أكثر معتنقي فكرته، جمعهم حوله، وثار بهم على عمال الأمويين في شمال أفريقيا، سنة 124 هـ. وجاء على أثره عبد الرحمن بن حبيب واستفحل أمره لأن الدولة الأموية كانت مشغولة بظهور الدولة العباسية بالمشرق، واستقر هذا المذهب الذي يكاد يكون عهده سلسلة متنابعة الحلقات من الحروب والثورات لاثبات مثله العليا في نظام الحكم. وقد تمكن من ذلك في فترات وإنشأ دولاً وحكومات لعل آخرها دولة بني رستم في تيهوت من بلاد الجزائز، واستقر هذا المذهب وتبعته فروعه كالأزرارقة والعجاردة والصفرية والاباظية، وهم الذين لا يزالون إلى اليوم وشمال إفريقا، يعيشون جماعات تتبع نظاماً محكماً يشبه الدولة التي يراها المذهب ويحافظون على آرائهم في الأصول والفروع في نظام الدولة والجماعة، وعلاقة الفرد بالفرد واشتهر من بينهم علماء زخرت المكتبات بمؤلفاتهم ذات القيمة العلمية في فروع المذهب وأصوله وفيما وراء العقيدة المذهبية، ولولا التعصب لا تنفع المسلمون به في كثير من الدراسات إلا أنهم حرموا منها كما حرموا من غيرها من كتب المذاهب الأُخرى، خصوصاً التي لا علاقة لها بمسائل الخلاف، ومعتنقو هذا المذهب يسكنون وادي مزاب من جنوب الجزائر وجزيرة جربة من مملكة تونس وجبال نفوسه ويفرن وفساطو وغيرها من مملكة طرابلس، ولهم صلات وثيقة بأباطني عمان وزنجيار، وفي داخل عمان تقوم الحكومة العامله المستقلة التي يقرها المذهب ويعتبر أرضها دار إسلام. ولأتباع المذهب مدارس يدرس فيها علماؤهم