/ صفحة 190 /
والفساد. وما دامت قديمة تكون إذاً لا علة لها، لأن العلة لابد منها لما يحدث، وهذه الأجسام قديمة ولا يحدث فيها إلا صورها (1).
وهكذا نرى طريقة ابن سينا في الاستدلال لإثبات وجود الله، بالاستناد إلى فكرة واجب الوجود وممكن الوجود، لا تؤدي إلى نفي مركب قديم، فإن استدلاله (يؤدي من جهة استحالة التسلسل، إلى وجود ضروري لا علة فاعلة له، لا إلى موجود ليس له علة أصلاً، لأنه يمكن أن يكون له علة صورية أو مادية (2).
وينتهي الغزالي من هذا كله، إلى أن يقرر بأن من لا يعتقد حدوث الأجسام لا يصل إلى الاعتقاد في الله باعتباره صانع العالم وخالقه (3) وذلك شأن الفلاسفة.
ومن أجل ذلك، نرى ابن رشد يقر بأن هذا يلنوم من مسلك الطريقة التي سلكها ابن سينا في إثبات موجود بذاته وليس جسماً، أي الله جل وعلا، وقد سلكها زاعماً أنها أفضل من طريقة الفلاسفة القدماء.
إن القدماء قد وصلوا إلى إثبات هذا الموجود، الذي هو مبدأ للكل، من ناحية الحركة والزمان. لكن الشيخ الرئيس انتهى إلى ذلك، فيما زعم، من ناحية النظر في الوجود وطبيعة الموجود الواجب الوجود والموجود الممكن الوجود كما سبق بيانه، فكان ما كان بينه وبين الغزالي. إلا أن هذه الطريقة لا تؤدي إلى ما أراد ابن سينا، كما يذكر ابن رشد في مواضع كثيرة من كتاباته (4) وكما قلنا ذلك من قبل.
* * *
وبعد! إذا كانت طريقة ابن سينا في إثبات وجود الله تعالى لم ترض فيلسوف
ــــــــــ
(1) تهافت الفلاسفة، 50.
(2) تهافت التهافت، ص313.
[3] تهافت الفلاسفة، ص50.
[4] أنظر، فضلاً عما تقدم، تهافت التهافت ص419 ـ 420.