/ صفحة 150 /
لم يستكمل أسباب معرفته، ولم تتوافر لديه المراجع فيه? وهل كان يضره أو ينقصه أن يسكت عما لا يعلم?.
وقالوا: إن مسائل العقائد والغيبيات التي جاءت على لسان الشرع ليس السبيل إلى إثباتها أو نفيها أن تعرض على العقول، وأن تحكم فيها العادة التي يستبعد معها كذا، أو أن يكون كذا، وإنما السبيل إلى ذلك هو البحث العلمي الذي يتحقق به ورود الشرع بذلك أو عدم وروده، والقضايا التي جاء بها الشرع وأمرنا باعتقادها والإيمان بها ليست كلها مما يدركه العقل، وتجري به العادة ولذلك تسمى (بالسمعيات) ومنها البعث والحشر والوزن والصراط والحوض والجنة والنار، وتبديل الأرض غير الأرض والسموات...الخ، فمن آمن بالرسول والكتاب آمن بما جاء به الرسول والكتاب، وليس من المسلمين من يقول نؤمن ببعض، ونكفر ببعض، ونبتغي بين ذلك سبيلا.
فإذا جاء اليوم باحث فأراد أن يبني بحثه في نفي شيء من الغيبيات الثابتة بالسمع على (أن الزمان قد تغير وتغيرت العقليات، فأصبح لا يجوز على العقول كذا وكذا) فإنه يكون قد غفل أو تغافل عن قاعدة الإيمان بالغيب ما دام قد ثبت عن الشارع، فهي قاعدة لا تتأثر بتغير الزمان أو المكان، ولا تحكم فيها العقول والظنون، وإنما ترجع إلى ثبوت الخبر وصحة وروده عن المعصوم ليس إلا.
* * *
كل هذا وكثير غيره، جاء إلى دار التقريب نقداً لهذا الكتيب، سيما أن الموضوع وإن التزمت به طائفة خاصة، التزامها بالإمامة فإن أساسه في السنة النبوية، وقد وردت بشأنه أحادث كثيرة في كتب السنة والشيعة، فهو إذن فكرة موجودة عند الفريقين لا تنفرد بها طائفة دون أُخرى، فتناوله بتلك الصورة يسبب التورط في جدل عقيم وفي كثير من الأخذ والرد كنا في غنى عنه، ونحن هنا لا ننظر إلى الكتاب نظرة من يناقش صاحبه ويرد عليه، وإنما ننظر إلى الروح الذي صدر عنه هذا المؤلف، وأنه ليس من مصلحة الأمة في شيء، وإنما هو