/ صفحة 149 /
لا يريدون من الناس جزاء ولا شكورا، ولكن يخافون من ربهم، إذا هم قصروا أو تهاونوا، يوماً عبوساً قمطريرا.
* * *
في هذا الوقت، وبينما الركب سائر، والريح تجري رخاء، والشعوب والحكومات ترحب بفكرة هذه الجماعة وتؤيدها، والأقلام تتطوع في كل مكان لنشر فكرتها، وتلتزم بمادئها، والمتوقع أن نتنسكب بتاتاً كل ما يجرح العواطف أو يبعث الفرقة من جديد، وأن نتجه جميعاً إلى نشر الحقائق الإسلامية ـ وما أكثرها ـ ونعالج المسائل التي تهمنا اليوم، في هذا الوقت تنبعث في فترات متقطعة أصوات إن لم تتمكن من إثارة العواطف والتأثير في العقول بفضل ازدياد الوعي والميل إلى التآلف، إلا أنها تعد مما يخالف خطة التقريب، وأمامي كتيب ألفه كاتب معروف بعنوان: (المهدي والمهدوية) جرى فيه على سنة بعض المستشرقين الذين يتناولون المسائل الإسلامية بأسلوب لا يعرفه المسلمون، ويربطون بين موضوعاتها وأغراض السياسة والحكم، ويبنون فيما يأتون به على ظنون يفرضونها، ومناسبات يتخذون منها قرائن موهومة، ويلبسونها ثياب الأدلة المعلومة.
كثر القيل والقال حول هذا الكتيب، وتجرد العلماء لنقده، وبيان ما فيه، واستعاد الناس ما كان من صنيع مؤلفه قبل ذلك حين تعرض لبعض الطوائف الإسلامية بما اضطر هو نفسه إلى الاعتذار منه حين قرر أمام أحد العلماء الأجلاء أنه لم تكن لديه المراجع الكافية لتحقيق بحثه، وأنه اعتمد على كتب ومراجع لا يبرئ أصحابها من العصبية الطائفية، وقرنوا ذلك بما قال في آخر بحثه الجديد من أنه يشعر بما قد يكون عليه من لوم في اعتماده أكثر ما اعتمد على كتب طائفة في وصف ما تعتقده طائفة أُخرى، واعتذاره عن ذلك أيضاً بقلة المصادر الأصلية لديه.
قالوا: ما الذي يحمل باحثاً يريد الوصول إلى الحق على أن يخوض في أمر