/ صفحة 143 /
في كل زمان ومكان، ولا ضير في ذلك على المسلمين، بل هو أمر طبيعي فيه رحمة وسعة وتتحقق بهما المصالح، وتستقيم أمور الحياة.
ونعود إلى ما كنا فيه من استعراض قواعد الإسلام الخمس، وبيان ما ترمي إليه من توطيد أمر المسلمين على الوحدة والألفة فنقول: إن المسلمين جميعاً يقيمون الصلاة في أوقات خمسة مكتوبة، ليست ستة عند فريق، ولا أربعة عند فريق وهم متفقون عليها بأعيانها، ومتفقون على أعداد ركعانها، وعلى قبلة المصلي فيها، وقد شرعت فيها الجماعات والجمعات والصلوات العامة في المناسبات المشروعة، كصلوات العيد والإستسقاء والكسوف ونحو ذلك من كل ما يراد به إشعار المسلمين بالوحدة والألفة واتفاق المصالح والاستواء أمام ربوبية الله جل وعلا، دون تفرقة بين صغير وكبير، ولا بين غني وفقير، ولا بين صعلوك وأمير.
وكل مؤمن مكلف بأن يؤدي زكاة ماله ليكون المؤمنون متكافلين متحابين يشعر فقراؤهم وأغنياؤهم بعاطفة المحبة والتعاون، وتستل من بين مجتمعهم نوازع الحسد والبغضاء والقسوة والجفاء.
وهم جميعاً مكلفون بأن يصوموا شهراً معيناً في العام، يجتمع على صومه قاصيهم ودانيهم، وبأن يحج مستطيعهم بيت الله الحرام، فيجتمع حوله في كل عام أصنافهم وألوانهم كلهم يدعو الله بلسانه، ويسأله من فضله وإحسانه.
أليست هذه قواعد الإسلام التي بني عليها? أو ليست كلها ترمي إلى التوحيد والوحدة?
ثم إننا نرى الإسلام كما يشرع أسباب التآلف والتجمع؛ ينهى عن أسباب التقاطع والتفرق.
فهو لا يعتبر رابطة تربط المسلمين إلا رابطة الدين، فلا جنسية ولا شعوبية، ولا تفريق بالألوان أو اللغات أو القبائل (إنما المؤمنون إخوة) (ليس منا من دعا إلى عصبية أو قائل عصبية) (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى)