/ صفحة 139 /
فإذا كنت لا أحب أن أخوض في السياسة فليس ذلك لأن الإسلام لا يعرف السياسة، أو ينهى عن السياسة، ولكن لأني أرى أن للسياسة رجالها وأقطابها، وهم أدرى بتياراتها ودخائلها، وأنا جد حريص على التفرغ للإصلاح الديني والعملي، لأني أعتقد أن ذلك هو أساس صلاح الأمة في كل ناحية: أريد أن يعرف الناس دينهم معرفة صحيحة، وأن يفرقوا بين ما شرعه الله من الأحكام وأوجب الإيمان به من العقائد، وما على أدخل ذلك زوراً وبهتاناً من الخرافات والأباطيل، فإن الناس إذا وصلوا إلى هذا العلم تجلت لهم محاسن الدين وأدركوا مزاياه فأحبوه حباً صادقاً، يبعثهم على العمل به والجهاد الحق في سبيله، ولقد كان أسا انتصار الإسلام في أول أمره، أنه كان واضحاً في نفوس معتنقيه، لم تشبه الشوائب، ولم يلحقه غبار المعارك الجدلية، فكان محبوباً لديهم، يفدونه بأنفسهم وأموالهم وأهليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة من هذا الفداء، وهكذا انتصروا على أنفسهم وأهوائهم، فنصرهم الله على أعدائهم، ومكن لهم في الأرض، وبوأهم في الدنيا حسنة، ولأجر الآخرة أكبر، فإذا جاهدنا في هذه الناحية، وأعددنا لها عدتها، ومضينا فيها بقوة وعزيمة، فإنا نكون قد هيأنا أمتنا لمنزلة كريمة تستعيد بها مجدها وسالف عزها.
قال حضرة الزائر:
وما رأى فضيلتكم في المؤتمر الإسلامي الذي سيعقد في كراتشي في الشهر المقبل إن شاء الله والذي قبلت مصر الاشتراك فيه?
فأجاب فضيلة الأستاذ الأكبر قائلاً:
إن وحدة المسلمين وائتلاف قلوبهم أحب شيء إلى نفسي، وإني أرحب بكل ما يؤدي إلى هذه الوحدة، كما أرحب بكل اجتماع أو تشاور بين المسلمين في هذا البلد أو ذاك يؤدي إلى تعارفهم ودرس مشاكلهم وبحث أحوالهم بروح الإخاء والتعاون الذي أمرنا الله به، وإني دائب العمل لذلك، وأنا وكيل جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي تعمل منذ سنوات، لغاية من أشرف الغايات، هي: