/ صفحة 138 /
لها الحياة الطيبة السعيدة، كما تناول شئون العلاقات بين الأمة الإسلامية وغيرها.
وقد أوجب الله علينا أن نتعلم العلوم التي تقوينا مادياً وأدبياً وسياسياً واجتماعياً، فكل ما تفوقت فيه أوربا ونبغ فيه أبناؤها من العلوم والمعارف المؤدية إلى النهوض والقوة والعزة، يجب على المسلمين أن يعلموه ويتعلموه، كما يجب عليهم أن يتعلموا العلوم الاقتصادية التي تمكنهم من أن يثمروا أموالهم، وينتفعوا بثرواتهم الطبيعية، ويجلبوا الخير والرخاء لأقوامهم.
ويجب على العلماء أن يربوا أبناء الأمة تربية دينية صحيحة ويعودوهم الأخلاق الفاضلة من الصدق والوفاء والإيثار والتضحية والبذل والأمانة، والبر بالفقير، والرحمة للضعيف، وأمثال ذلك من الأخلاق الكريمة التي لا تحيا الأمم إلا بها، ولا تستقيم إلا عليها.
بذلك تسير الأمة في الطريق السوي من ناحيتها المادية والمعنوية، فتقوى وتعز، وتعلو كلمتها، ويكون لها شأنها في الحياة، وتتمكن من القيام بما أوجب الله عليها من الدعوة لدينه، وهداية البشر إلى ما فيه من مزايا تكفل لهم الحياة الطيبة، حتى يدخلوا فيه أفواجا.
ومن هذا يتبين أن الدين الإسلامي هو المنهاج الكامل الذي رسمه الله للناس في مختلف نواحي الحياة، وأن ما يزعمه الزاعمون من أنه قاصر على الأمور الشخصية والتهذيبية، وما يتصل بالأخلاق والفضائل فحسب؛ ليس صحيحاً، وهذه هي كتب الفقه الإسلامي الزاخرة بالأحكام، والمستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، تشهد بأنه ما من تصرف بشري عام أو خاص إلا وله في الشريعة حكم، وما من أمر يصلح به الناس ويدرأ عنهم الفساد والشر، إلا وقد أمر الله به، ولكن ذلك لا يمنع من توزيع الأعمال، واختصاص كل فريق من الأمة بناحية مما يصلح شأنها، فعلماء يعرفون الشريعة ويعرفونها للناس، وحكام يصرفون الشئون ويقيمون العدل ويمنعون الظلم، ويأخذون على أيدي المفسدين، وأطباء وصناع وعمال ومخترعون وباحثون وجند وقادة... الخ.