/ صفحة 13 /
التقصير في هذا شأن المختالين:
ثم تشير الآيات بعد ذلك إلى أن التقصير في هذا الحق الاجتماعي شأن المختالين الفخورين، وهم المتكبرون الذين يظهر أثر كبرهم في عملهم، أو فيه وفي أقوالهم ومثل هؤلاء لا يعترفون - لما في قلوبهم من كبر عملي أو قولي - بحق للغير على أنفسهم، فهم لا يرون في الحياة إلا أنفسهم، ومتعة أنفسهم، ولا يرون حقاً عليهم لغيرهم خالقاً كان أم مخلوقا، وقد جعلهم الله صنفين من طبيعة كل منها ألا يعترف لله بشكر على نعم، ولا للخلق بحق عليه "الذين يبخلون" الآية. "و الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس" الآية. فالبخيل يمنع الحق، والمرائي ينفق لحق نفسه في جلب مظاهر الفخر الكاذب، وحسب هذين تسجيل القرآن الكريم عليهم أن قرينهم الذي أغراهم بهذا الموقف من الله ومن خلق الله هو الشيطان منبع الشر والمغرى بالفساد" ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا".
أداء الأمانات والحكم بالعدل:
وبعد أن تذكر السورة الإرشادات الحكيمة التي يجب على الأُمة أن تتخذها أساساً للحياة فيها، تذكر ما يجب أن يؤسس عليه شأن الجماعة الإسلامية، فتذكر أمرين لهما خطرهما في حفظ حياة الأمم وسعادتها: أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل بين الناس.
وكأن السورة تشير بهذا إلى أن الانتفاع بالإرشادات المتقدمة في الأسرة والأموال لا يتحقق إلا بالبناء على هذين الأمرين: "أداء الأمانة، و"العدل" فإن الأمانات كلمة عامة تشمل جميع الحقوق من مالية، وعلميه، وعملية. والحكم بالعدل هو القضاء بتلك الأمانات عند تعرضها للضياع، والحكم بالعدل يشمل ما كان عن طريق التولية، وما كان عن طريق التحكيم، ويشمل ما يكون بين المسلمين بعضهم وبعض، وما يكون بينهم وبين غيرهم، وقد كثرت في القرآن آيات الحث على العدل حتى جاء فيه: "و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا