/ صفحة 12/
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزغني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدّى وأن وأعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون، والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى، وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين، أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين"
15 - 17. وبالرجوع إلى آيات تلك السور نجدها تشير إلى السبب في العناية بالوالدين، وتنص على مدى طاعتهما، وتنفرد سورة الأحقاف بتصوير صفحتين واضحتين، تمثل إحداهما خلق الوالد البار الذي أردك فضل الله عليه بالوالدين وتمثل الأُخرى خلق الولد العاق الذي لم يسمع نصح والدية، بل تأفف منهما تضجر.
هذه عناية القرآن الكريم بشأن الوالدين، ولعلنا ندرك أن العناية بالوالدين إلى هذا الحد لم تكن نظراً لشخصهما فقط ى، وما قاما به من تربية الوالد، وإنما كانت لأنهما عماد الأسرة، ولا بد في تكوين الأُمة تكوينا قوياً صحيحا من تكوين الأسرة تكوينا قويا صحيحاً يستظل فيه أفرادها بلواء العزة والسعادة، ويمتد منها إلى الأقارب والجيران وسائر حلقات الأُمة، وبذلك تمتد الفضيلة إلى الأُمة كلها، وما الأُمة إلا مجموعة الأسر، يعنيها ما يصيب الأسر إن شراً فشر، وإن خيراً فخير. ومما يحقق هذا أنه جاء في آيتنا بعد طلب الإحسان إلى الوالدين، طلب الإحسان إلى ذوى القربى واليتامى والمنساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب وابن السبيل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طلب من الإنسان الإحسان إلى ما يملكه ويتصرف فيه وينتفع به وبذلك طلبت الآية الرحمة والإحسان طلباً عاما شاملا حتى تظهر عاطفة الرحمة والإشفاق بين طوائف الناس، بل طوائف الخلق جميعا. ولا ريب أن ذلك من أقوى الوسائل التي تكفل العزة والسيادة في الأُمة.