/ صفحة 127 /
عن الحظوظ النفسية، وتتجه إلى الحظ الأسمى الذي يتعلق بالدائم الباقي، الذي لا ينقطع مدده، ولا يخبو نوره، فيتركز حب الخير في النفس علي وجه الثبات والاستقرار، وافقته شهوته أم خالفته، اقترن به مدح الناس أم لم يقترن، عندئذ يستحق ذلك الجزاء الذي وصفه العظيم بأنه عظيم، أما من يفعل هذه الأمور على غير هذا الوجه، بأن التمس بها سمعة يكتسبها أو جاها يناله، فانه لا ثبات للخير في نفسه إلا بقدر ما ينال من سمعة أو جاه، وهو مع ذلك قد حول وجهته في فعل الخير عن مصدر الخير، والآمر بالخير، ولم يربطه به رباط الرحمة والحكمة والايمان، ومن قطع صلته بالله في أفعاله، قطع الله صلته به في رحمة وثوابه، ووكله إلى ما وصل به نفسه، وتعلق بأذياله، ومن هنا يتضح جليا سر نفي الإيمان عن المرائين بأفعال الخير، الذين يبتغون السمعة عند الناس جزاء لما يظهرون به من فعل الخير، كما يتضح السر في أن الرياء يحبط ثواب الأعمال عند الله، وفي أنه لا يدل على تأصل الخلق الكريم في نفس الفاعل، وفي أن الرياء قد جعله القرآن من علامات التكذيب بيوم الدين (أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم ولا يدل يحض علي طعام المسكين، فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراعون ويمنعون الماعون). (يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رثاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين). هذا هو الأساس في فهم الفضيلة: ترسم أو أمر الله، تنفيذها ابتغاء مرضاة الله، ومن هنا جاد المؤمن بالله في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وأهليهم وعشيرتهم وكان ذلك في نظرهم الحياة الخالدة والغني الدائم والسعادة الأبدية. (ارضاء الضمير) مقياس غير منضبط: وهناك فريق من الناس يرون أن أساس الفضيلة هو تلبية الضمير فيما يعتقدونه خيرا للمجتمع، ويرون أن هذا كاف في سعادة الإنسان، وأن الضمير