/ صفحة 10 /
إشارة السورة إلى فكرة الضمان الاجتماعي:
ولا يفوت السورة بعد أن وضعت في جانب المال، أن تنبه إلى أن المحافظة على الأموال ليس معناها قبض اليد عن البر والإنفاق في سبيل الله، وسد حاجة المعوزين والإحسان إليهم، فتأمر بأساس الفضائل التي تهذب النفس وهو عبادة الله والإخلاص له في العبادة، كما تأمر بالإحسان في معاملة الناس، وتخص بالذكر طوائف هي أجدر بالإحسان، والإحسان إليها إحسان إلى النفس وإلى الأسرة وإلى الإنسانية كلها، واقرأ في ذلك قوله تعالى: "و اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين ى، والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا، الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً، والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا، وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما" الآيات 36 - 39
وهذه آيات يجدر بالمؤمنين أن يتفهموها، وأن يعرفوا مغزاها، وسيرون أنها تضع لهم أساس ما تعارفه الناس اليوم ولهجت به ألسنتهم طلبا للتضامن وسبيلا للعزة القومية، وهو "الضمان الاجتماعي".
بناؤها ذلك على أساس الإيمان بالله وعبادته وحده:
فهي تضع أولا عبادة الله وحده أساساً لهذا الضمان، وتجعل عدم الإشراك بالله عنوانا صادقا لافراد الله بالعبادة، وعدم الإشراك به شيئا، وذلك يحفز النفوس إلى الخوف من الله والرجوع إليه في كل شيء، فلا يتجه أحد إلا إليه، ولا يخشى إلا إياه، ولا يتلقى حكما أو تشريعاً إلا منه.