/ صفحة 68 /
في عدد آياتها، ثم ذكر فضل تلاوتها، ثم أقدم في كل آية الاختلافات في القراءات، ثم ذكر العلل والاحتجاجات، ثم ذكر العربية واللغات، ثم ذكر الاعراب والمشكلات، ثم ذكر الأسباب والنزولات، ثم ذكر المعاني والأحكام والتأويلات والقصص والجهات، ثم ذكر انتظام الآيات، على أني قد جمعت في عربيته كل غرة لائحة، وفي إعرابه كل حجة واضحة، وفي معانيه كل قول متين، وفي مشكلاته كل برهان مبين، وهو بحمد الله للأديب عمدة، وللنحوي عُدة، وللمقرئ بصيرة، وللناسك ذخيرة، وللمتكلم حجة، وللمحدث محجة، وللفقيه دلالة، وللواعظ آلة، وسميته: (مجمع البيان لعلوم القرآن).
4 ـ والقارئ لهذا الكتاب، والباحث الذي يلجأ إليه فيما يعاني من تفسير كتاب الله العظيم ومعضلاته، والمتتبع لتطور علم التفسير وما كُتب فيه على مر القرون ـ كل من أولئك: يتبين كيف وُفِّق المؤلف رضوان الله عليه للوفاء بكل ما قال في المقدمة من علوم القرآن المتعددة، وإلى أي مدى عال مرموق بلغ من ذلك كله، وبأي أسلوب بليغ عالي المنزلة عالج النواحي التي عالجها، وبأي أمانة وصدر رحب نقل ما نقل من آراء مخالفيه في الرأي أو المذهب، على ندرة هذه الخطة الأخيرة بين غير قليل من العلماء الذين يتصدّون للتأليف في العلوم والفنون التي يكثر فيها الاختلاف ويشتد، كما ترى بوضوح في كثر من المؤلفات في علم السكلام، وعلم الفقه.
ومن ثم، نجد صحيحاًَ كل الصحة ما جاء في ترجمة المؤلف التي صدرت بها طبعة العرفان بصيدا، التي نفدت نسخها منذ بعيد، فقد أشير فيها إلى ماخص به المؤلف رحمه الله تعالى، من (التأدب وحفظ اللسان مع من يخالفه في الرأي، بحيث لا يوجد في كلامه شيء ينفِّر الخصم أو يشتمل على التهجين والتقبيح، وقل ما يوجد في المصنفين من يسلم كلامه من ذلك، وانظر إلى كلامه في مقدمة (جامع الجوامع) في حق صاحب الكشاف [الزمخشري] وما فيه من التعظيم له