/ صفحة 66 /
يجمل بنا، باعتبارنا مسلمين وطلاب حق أينما كان، أن نتعصب على مذهب من مذاهب المسلمين له من أصوله ومن أسانيده وما يجب أن يكون محل قبول واتفاق منا ومنهم على السواء.
وهناك حقيقية تاريخية يجب أن لا نغفل عنها. هي أن للتاريخ بأحداثه التي مرّت بنا أكبر الأثر في جعل بعضنا من أهل السنة، وبعضنا من الشيعة، بل ربما كان هذا التاريخ بأحداثه تلك هو العامل الوحيد الحاسم في جعلنا على ما نحن عليه الآن. ويكفى أن نشير إلى أنه لولا تسلّط السلطان صلاح الدين الأيوبي على مصر فترة من الزمن، وإحلاله في الأزهر ـ منارة العرفان الوحيدة في ذلك الزمن ـ المذهب السني، محل المذهب الشيعي، لكان من المحتمل جداً أن نكون معشر المصريين الآن من الشيعة لا من السنة؛ فكيف يصح، مع هذا، أن يزعم كل منا أنه اختار لنفسه هذا المذهب على ذاك عن تفكير وتدليل وموازنة!
3 ـ بعد هذا الذي نقرره، ونعتقد أنه صحيح تاريخياً وموضوعيا، نذكر أنه لا أكثر إذاعة لمذهب ما، من نشر بعض المؤلفات الأصيلة لرجالات هذا المذهب وعلمائه، وبخاصة ما كان منها في علم التفسير أو علم التوحيد، وبخاصة ما كان منها لكتاب وعلماء عرفوا بالاتزان والدقة والعرض الصحيح للآراء التي يصدرون عنها.
وفي مقدمة هذه الكتب القيمة في ذاتها وفي ناحية الموضوع التي تعالجه، ومن ناحية الآراء التي تصدر عنها، كتاب (مجمع البيان في تفسير القرآن) للطبرسي هذا الكتاب الجليل التي تعني هذه الأيام جماعة الازهر للنشر والتأليف)، والتي أشرف برياستها، بالعمل على نشره نشراً عملياً محققا بكل معنى الكلمة، ونرى من الخير أن نأتي بكلمة موجزة عن المؤلف، ثم عن الكتاب ومنهجه في التفسير وقيمته بين المؤلفات الأخرى في هذا العلم، ليتبين أنه حقيق بالنشر، وأنه حين ينشر يكون خطوة عملية ناجحة بإذن الله في سبيل التقريب بين أهل السنة والشيعة.
أما المؤلف فهو الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، نسبة إلى طبرستان