/ صفحة 445/
و لذلك كان يرد إلى ((دار التقريب)) و((رسالة الإسلام)) كثير من الكتب والرسائل والصحف المنشورة من مختلف شعوب الأمة الإسلامية، تفيض ترحيباً بفضيلته، وإعراباً عن الثقة به، والأمل فيه، وتطلعاً إلى عهده على أنه إيذان بانقشاع ظلمات الجهالة والتعصب وإيثار الأهواء، وإشراق نور العلم والفضيلة والتعاون على البر والتقوى، ليعود إلى الإسلام مجده، وتكون كلمة الله هي العليا.
و استبشروا خيراً حين عزل، لأن فضيلته أثبت في وضوح وجلاء أنه لم يبطر بهذا المنصب، ولم يؤخذ به عن دينه وخلقه، فظلت له صفاته التي عهدها الناس فيه، زاد عليهاً أنه ضرب لأهل العلم مثلا عملياً رائعا في الثبات على الحق والتضحية في سبيله بالمنصب والجاه والنفوذ والمال الكثير الرتيب.
لقد كان فضيلته يستطيع أن يعيش في جاه منصبه وسلطان مشيخته بقية عمره، ولكن ذلك كان يكلفه ماضيه الشريف وإيمانه الذي لم يزلزله شيء منذ عرف الله ربا، ومحمداً صلى الله عليه وآله وسلم نبياً ورسولا، والقرآن هادياً وإماما. كان يكلفه عزته وكرامته ويحيله على كرسيه جسداً لا يؤبه له، ولا يرجى الخير منه، بل كان يكلفه ((عبد المجيد سليم)) وما ((عبد المجيد سليم)) في تاريخ الا زهر والاسلام الا اسم من الأسماء الخالدة بالايمان والعلم والخلق الكريم، فهل كانت مشيخة الأزهر تساوى هذا كله حتى يضحى في سبيلها بهذا كله؟ لا ورب البيت!
لهذا فرح المؤمنون بانتصار رجل الايمان والعلم والخلق حين أخرج من منصبه الفاني بعد أن تعذر اخراجه من صفاته الخالدة، وان هذا لهو الفوز العظيم.
وان (رسالة الإسلام) لتتوجه إلى فضيلته بكلمة تعتقد أنها تعبر عما تكنه قلوب المؤمنين جميعاً:
هنيئاً لك ـ يا صاحب الفضيلة ـ انك كتبت في تاريخ التضحية في سبيل الله صفحة جديدة خالدة، وهنيأ لك أنك جددت في الأزهر صرحاً كان وقد عفى عليه القدم حتى درست آثاره وامحت معالمه هو صرح الكرامة والعزة الذي يجب