/ صفحة 441/
ولا شك أن هذه المبادئ السهلة، هي السبب في سرعة اعتناق العرب للإسلام وهي السبب في انتشاره دون مقاومة كبيرة في كثير من البلاد، فعمرت القلوب بالايمان وقوى الاحساس بالوحدة الدينية، وسادت المعتقدات الطيبة بين أجناس متباينة، وهو ما لم يحدث له مثيل من قبل. فلوان الإسلام انتشر بحد السيف ـ كما يدعى البعض ـ لجاز أن يكون في حكم العدم، ما نسميه اليوم ((فناً اسلامياً)).
و لعل العرب هم المثل الوحيد الذي ترك أثراً قوياً في الأقاليم التي سيطروا عليها من العالم، ولا يزال أهل تلك الأقاليم متأثرين بما أخذوه عن العرب، سواء في مظاهر حياتهم وعاداتهم، أم في دينهم ولغتهم وحروف الكتابة عندهم.
نشأ الفن الإسلامي في رعاية أهل الصحراء، الذين لم يكن لهم من ألوان الفنون سوى نظم الشعر وحبك قوافيه، بل لعلهم عجزوا ـ في البداية ـ عن ادراك أي تعبير فني آخر، غير أنهم تأثروا كثيراً بما شهدوا من فنون الأمم الأخرى خلال عصر الفتوحات التي قاموا بها، وبدا غريباً من هؤلاء الذين ظلوا أجيالا لا يتأثرون بما حولهم من حضارات زاهرة. أن يقبلوا اقبالهم الشديد على اقبتسا كل ما يتفق وتعاليم الإسلام، ومن هذا يتضح أن بلاد العرب ليست النبع الذي انبثق منه الفن الإسلامي، وإنّما تكون ذلك الفن من مختلف العناصر التي لم يسبق لها أن امتزجت مثل هذا الامتزاج القوي، ولا أن انسجمت في نغمة ذات تقاليد فنية ثابتة، فالزخارف النباتية ـ وهي حركة أساسية في الفن الإسلامي ـ اقتباس من الفن الفارسي، والعقد والقبة معروفان في العمارة من قديم الزمان، والمحراب المجوف مأخوذ عن ((الشرقية)) المعروفة في الكنائس القبطية، والأمثلة كثيرة على ما هو مستمد من الفن البيزنطي وغيره من الفنون.
وفيما عدا ما أخذ العرب عن الفن البيزنطي ـ عن طريق الفنانين والصناع البيزطيين ـ لم تستطع أوروبا أن تقدم للعرب شيئا يمكن اقتباسه أو المساهمة به في فن جديد خاضع لأصول دينية معينة، واحساسات شرقية خاصة. وعلى الرغم مما تنبهت إليه أذهان العرب من مشاهد بلاد الغرب، فان معايير الجمال الأوروبي لم تجتذبهم إليها بل ظلوا ـ منذ عصر الفتوحات ـ يضعون الصين في المرتبة الفنية الأولى بين أمم العالم.