/ صفحة 43 /
والدمار، والتعصب الديني، بل باللسان الحلو، والحسنى والملاينة، والاتفاق والتسامح.
وبينما تظل البابوية على إلحاحها ومطالبتها فردريك بضرورة الوفاء بنذره القديم بدأ الامبراطو مبادلة السلطان الكامل رسائل ودية، تمهيداً لتفاهم صليبي إسلامي. ورحب السلطان لذلك، لتفاقم العلاقات بينه وين بعض أقاربه ملوك البيت الأيوبي بالشام. ثم تزوج فردريك سنة 1225م من وريثة مملكة بيت المقدس الرمزية، والمقصود بالرمزية هنا أن هذه المملكة فقدت عاصمتها ومعظم مدنها لصلاح الدين، ولم يبق لها إلا اسمها ورمزها وذكراها. فأضحى لفردريك منفعة مباشرة في إحيائها وإعادتها بعض سيرتها الأولى. ورأى فردريك وقتذاك تهدئة لإلحاح البابوية وإلحافها أن يجهز حملة صليبية أبحر هوعلى رأسها من جنوب إيطاليا سنة 1227م، ولم تك إلا بضعة أيام حتى عاد بسفنه إلى الشواطئ الإيطالية، بسبب مرضه بالحمي. لكنن البابوية اعتبرت المرض تمارضاً، وأعلنت سخطهأ على الإمبراطور، وصبت جام غضبها على رأسه بأن قطعته من رحمة الكنيسة. ثم توفيت زوج فردريك سنة 1228م، وأخذ هو في المطالبة بإرثها ـ أي عرش مملكة بيت المقدس الرمزية ـ وأبوها على قيد الحياة.. ويبدوان المراسلات الفردريكية الكاملية وصلت وقتذاك إلى مرحله الانفاق على معاهدة سلمية رضى الطرفان عنها، ولم يبق إلا أن يذهب فردريك إلى الشرق، لتوقيع هذه المعاهدة وتنفيذ ما يمكن تنفيذه من شروطها؛ فغادر إيطاليا في أسطول صغير، وحملة أصغر عدتها ستمائة فارس. عند ذلك أصدرت البابوية قراراً ثانيا بقطع فردريك من رحمة الكنيسة، ووصفته وحملته أشنع الأوصاف المعهودة في العصور الوسطى، بل دعت إلى حملة صليبية لمحاربيه في إمبراطوريته وهو غائب عنها بفلسطين.
وفي فلسطين أرسى الإمبراطور عند مدينة عكا، وهي إحدى البقايا الباقية للصليبيين من مملكة بيت المقدس، واستقبل رسل السلطان الكامل، وهم الأمير فخر الدين بن حمويه وأخوه كمال الدين، والشريف شمس الدين الأرموي قاضي نابلس.