/ صفحة 427/
الإسلام من الأمرين، ليكون للتقريب صورة عملية، وهي البناء على عقائد السلف المطابقة لمحكمات الكتاب والسنة، والجمع في الاجتهاد بين الصحاح والجوامع الأربعة عشر، ستة منها لأهل السنة، وثمانية للامامية، وتدريس الفقه الجعفري في ممالك السنة، وتدريس عقائد السلف التي حفظتها كتب الامامية لتتعارف العلوم، وتتآلف العقائد، وتتوانس المسلمون مع التعظيم والحرمة لكل مذهب.
و هل هذا الرجاء الا من دار التقريب، فالمرجو من جماعة التقريب الكرام عموما، ومن فضيلة شيخ الإسلام خصوصاً: نصب كرسي في القاهرة لتدريس علوم الامامية والترغيب لسائر ممالك السنة في ذلك ليتصل المسلمون بعضهم ببعض ولا يضيق ذرعا أهل كل مذهب من استماع علوم اخوانه سواء اختاروها أم لا، وسواء أدى اجتهادهم بعد استفراغ وسعهم فيها إلى موافقتها أم لا، فان اختلاف أنظار الفقهاء بعد تحقيق أدلة الأحكام لا ينبغي أن يسمى خلافا يعتد به في تفريقهم شيعا وأحزابا، فان كلا منهم يستفرغ وسعه في اطاعة مولاه الذي هو مولى الكل وفي امتثال أمره، فمثل الفقيهيين المختلفين، مثل مملوكين لمولى واحد ينادى أحدهما بعينه أو كليهما بسقيه الماء، فظن أحدهما بعينه أمره بايتائه الغداء والآخر بسقيه الماء، فبادر كل إلى الامتثال باتيان ما ظنه اطاعة لأمره، فكلاهما ممتثل مطيع له معذور مناب، نعم قد يتفق نادراً ترتب مفسدة على عمل المخطىء لكنها تنجبر غالبا بمصلحة الطاعة والانقياد، على أن الخطأ غالبا ينشأ عن القصور أو المسامحة في الفحص.
و بالجملة فإذا حصلت العناية بدراسة مذهب أهل البيت وسائر المذاهب في الممالك الإسلامية حصل التقريب الحقيقي بين المسلمين، وقد كان في الامامية فيما سبق جماعة يدرسون المذاهب الخمسة على أتم وجه، لكن لا يحضرني من علماء السنة من جازاهم بهذه الحسنة، وبدراسة المذهب الجعفري بعد رسمية المذاهب الاربعة من عهد القادر بالله العباسي الحاكم بها في العراق، وتلاه الظاهر بيبرس في مصر