/ صفحة 414/
بالعصمة والنص والمعجز، وهذه المنزلة السماوية لم يدعها أحد من الخلفاء الراشدين ولا ادعاها لهم أحد من أتباعهم، ولم يقع بحث منهم في ذلك، ولا إنكار لها، ولا احتاجوا في أمرهم ابتداء واستدامة إلى انكارها، ولا هي منزلة تستحيل عقلا حتى تنكر لأجل استحالتها وحتى يجب التأويل في أدلتها، ولا التسالم بين المنزلتين، والتراضى عليهما أمرغير معقول ولا معهود في بيوت الأنبياء والمرسلين حتى يجادل فيهما ويخاصم عليهما ويثبت أحدهما وينفى الآخر كالضدين اللذين لا يمكن اجتماعهما، وليس من شرط الامامة عند الامامية تلبس الامام المنصوص المعصوم فعلا بالخلافة، نعم يجب عند الامامية أن يكون صالحاً وأهلا لها، بل لا خلاف في ذلك عند الكل، ثم استحقاقه لها وأولويته بها، فهو عند الامامية بل وعند جميع العقلاء معنى لا يجب فيه عقلا وعادة وشرعا أن يكون قيام غيره بها ـ مع العدل والزهد والأمانة وحسن التدبير سيما مع طاعة الأمة له ـ غصبا وعدوانا لامكان رضا الامام فيها بغيره ولو لعدم اجتماع الأسباب له، وخشية الفتنة في قيامه والمفروض وقوع جميع ذلك ولوفي ظاهر الحال.
و خلافة الخلفاء الرشادين إنّما هي منزلة مقدسة أخرى غير الإمامة الخاصة ورياسة عامة ملية مع الصفات المزبورة التي لم يختلف فيها اثنان ولوفي الجملة، ولم ينكرها ولا أبطلها الامام المنصوص المعصوم طيلة خمسة وعشرين عاما حتى أتته الخلافة منقادة إليه تجرر أذيالها فجاءته الأمة طائعين من غير طلب، وهو مع ذلك كاره لها، راض بأن يولوا عليهم غيره، فظهر أن معنى الامامة المصطلحة عند الامامية غير مضاد ولا معارض لمعنى الخلافة، فأي حاجة في تثبيت الخلاقة إلى انكار منزلة الامامة التي نودى بها على رؤوس الاشهاد، وأي جناية اجتماعية أعظم من أن يكون الأمر بين الامام المنصوص والخليفة العادل المرضى على التراض والتسالم والمصلحة والناس مع هذا يجادلون فيهما، ويفرقون الملة باسمها على خلاف رضا الامام والخليفة، والذين تولوا كبر هذه الجناية الكبرى هم الألى أنكروا الامامة والنص، وعادوا القائلين بها حتى اضطروهم إلى وصف