/ صفحة 413/
أو بين أمة واحدة باحداث الأباطيل المفرقة لها شيعاً، والممزقة لوحدتها وقوله سبحانه: ولذلك خلقهم، إشارة إلى ما سبق له عز اسمه من العلم فيهم بسوء اختيارهم مع تمام الحجة عليهم وليس معناه أن الله خلقهم ليختلفوا، فان لام الغاية تارة تكون لتعليل فعل الخالق بفعل آخر من أفعاله كقوله سبحانه: ((وانزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حباً ونباتا)) ((هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور)) ومثله كثير، وأخرى لتعليل فعله بفعل المخلوق، كقوله: ((و ما خلقت الجن والانس الا ليعبدون)) ((لتسلكوا منها سبلا فجاجا)) ((انا ارسلناك شاهدا ومبشراً ونذيرا لتؤمنوا بالله)) ((هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا)) ومثله كثير، ومن هذا القبيل تعليل فعله عز اسمه بسيئآت عباده الاختيارية لسابق علمه فيهم بأنهم لا يهتدون بسوء اختيارهم بلا جبر ولا تفويض كقوله ((إنّما نملي لهم ليزدادوا اثما)) وقوله ((و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون، ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون))، والصغو والصغى الميل إلى الباطل والاثم، فتصغى أفئدتهم إلى ايحاء زخرف القول، فيرضونه لخبث نفوسهم واتباعهم الهوى بسوء اختيارهم، وقوله ((وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاركين)).
أحسن وجوه تصالح السنة والشيعة والزيدية:
و أوهمت أعلاماً آخرين أن الشيعة والسنة متقابلتان تقابل طرفي الخط في الإمامة والخلافة، غافلين عن الفرق بين الامامة المنصوصة التي يعتقدها الامامية والخلافة الميلة التي يعتقدها أهل السنة، ولا منافاة بينهما ولا تنازع بل هما متسالمان متصالحان من أول الأمر إلى غايته الا أن يفسد المفسدون بين المتسالمين، وقد فعلوا وخسروا، واليوم لا داعى للأمة أن يجددوا فعلها، حتى لا يبقى منهم على وجه الأرض حر ولا ماجد وذلك لأن الامامة عند الامامية متقومة