/ صفحة 415/
الخلافة بما لا ينبغي، وقد أجمع أهل البيت والمخلصون من أتباعهم على إبطال كلا القولين: إنكار الإمامة المنصوصة والطعن في الخلافة ووصفها بما لا ينبغي.
و لئن وقع في هذه القضية يومئذ شيء من تبادل الآراء والأقوال والمعاتبات ففي غير أساس هاتين المنزلتين كما لا يخفي على من أنعم النظر في تاريخ الإسلام وأخذ بالقول الفصل، وسكت عن فضول الهزل.
وقد ألم بالإشارة إلى هذه المسالمة فضيلة الأستاذ العالمة عالم الشيعة الإمامية بالقاهرة الشيخ محمد تقي القمي، أمين السر العام المؤبد لدار التقريب في جولته المباركة بين الآراء حول التقريب حيث قال: بيد أنهم ـ أي السلف الصالح والزعماء بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ـ حصروا الخلاف في دائرته المعقولة، ولم يجعلوا له أثراً يضر بالوحدة الإسلامية ولا أعطوا به فرصة لأعداء الإسلام، كان خلافا في الرأي لا تشاجراً، انتهى.
أقول بل إني لا أرضى أن يسمى ذلك خلافا، فضلا عن المشاجرة إذ لم يكن يومئذ إنكار لمنزلة الامام ولا للنص عليه ولا لأهليته للخلافة، ولا لشيء من ملكاته الفاضلة، ولا لشيء من سوابقه ولا لعدل الصديق وزهده وصلاحيته للزعامة، وإنّما كان عتابا على المبادرة إليها قبل الحضور والمشورة بل اعترف الامام أن المسبب للبدار إليها سعد بن عبادة في الانصار الخزرجيين والأوسيين وكان في العباب أيضاً تذكرة لنصوص المنزلة لئلا تنسى أو تمحى بعد ذلك، وهذا لا يسمى خلافا في الرأي، إذ لم تكن المقاولات يومئذ نظير مقاولات الكيسانية والجارودية والفطحية وأشباهها مع الامامية الاثنى عشرية مثلا، حتى تكون بحثاً في الامامة بمعناها الخاص أوفي صحة الخلافة بمعناها العام، فان الامامية لم يشترطوا في الامام المنصوص المعصوم وجوب قيامه بخلافة الملك وان كان هو عندهم أولى بها لتوقفها على أسباب ظاهرية، وأبى الله أن يجرى الامور الا بأسبابها، ولا يجمعها كملاً الا لمهدي الأمة المنتظر، ولا ينفع التأسف للامام علي عدم اجتماع الأسباب له فضلا عن المخاصمة عليه، ولوكان ذلك خلافا أساسياً لأقيم في جزيرة العرب على ذلك نظير الحروب الصليبية والنهب والغارة