/ صفحة 410/
من العلم مع حب الإسلام والاعتزاز به، كيف والمطلوب من المسلم يؤثر حب الله ورسوله، والجهاد في سبيله على كل محبوب من متاع الحياة الدنيا! ولا أقل من أن يوطن نفسه عليه ويروضها، ويمرنها به.
الثاني: التعاون والتعارف في كل شأن، وفي العلوم والآثار، مع نسيان كل حقد وضغينة، ومع ترك الجدال وسوء القول، فلا يكترث المسلم ولا يبالى باختلاف المشرب، ويتلقاه كأن لم يكن، أو يفرضه كأنه لم يزل مشربا لنفسه، وبعد ذلك كاختلاف الناس في المطاعم والمشارب واللغات ونحوها، فقد خلقوا أطواراً وكل ميسر لما خلق له، وكل يعمل على شاكلته، وقد ورد: لو علم الناس كيف خلقوا لم يلم أحد أحداً، وليس في ذلك ضرر ولا ضرار بين أمة واحدة، فقد جمعهم دين واحد، ثم فرقتهم الدنيا لا الدين، فذاقوا وبال أمرهم، وفقدوا بالتفرق كل مجد وسلطان، وكل حرية، وكل قوة، وكل صحة، وكل أمان. واليوم يوم أن يجمعهم الدين كأول يوم، فقد رفرف عليهم النصر وهو يهتف فيهم بموافاة وقت الاتحاد والائتلاف اليهم، وفاحت في أقطارهم نفحة الظفر التي بشرهم بها نبيهم صلوات الله وسلامه عليه بقوله: ان لله في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، فإذا تعاونوا وائتلفوا متحابين في كل ما يصلحهم ويعيد مجدهم، وفي علومهم وثقافاتهم وآثارهم زالت الوحشة عما بينهم، وارتفع توهم الاختصاص والاستقلال المثير للبغضاء والضعف والتخاذل والجهر بالسوء والتنابز والاستهزاء والتجهيل، فضلا عن التكفير والتضليل وكي كل جبهة موحدة لله تعالى بالشرك.
و هذا الوجه أخص من الأول لابتنائه على التعارف بين جميع الشعوب والقبائل في جميع العلوم الإسلامية التي فيها علوم الصحابة وعلوم أهل بيت الرسالة وسادات التابعين، ثم شأنهم والاختيار من غير أن يتسنن شيعي أو يتشيع سني، فان الاحاطة بالعلوم والثقافات من أشرف الغايات، وفيها ثقيف للأفكار، وتشحيذ للأذهان، وتسهيل لمعرفة الحق لمن أحب، فلا ينبغي أن تغتر قبيلة بعلمها، ففوق كل ذي علم عليم، وعند كل قبيلة مسلمة علم تراه مصيبا لصريح الحق، وربما يحصل