/ صفحة 409/
ذاتاً الا بالعرض والغرض، وإلا فجواز الجمع بينهما في شخصيت وعدم امتناعه بديهي كما أن وجوبه مع رضا الامام وتسليمه الخلافة لغيره ظاهر سيما في مثل هذا العصر الذي يحرم فيه القاء الخصومة بين المنزلتين، ونقض الوحدة بين أمة لا امامهم حاضر ولا أحد الخلفاء من الصحابة حي.
هذا مجمل الفكرة في بيان الأمر الثالث المعزز للأمرين الذي هو النمرقة الوسطى، وسواء الكلمة العملية الأخرى بعد سواء الكلمة العلمية الأولى، وتمام هذا الأمر وكماله وضياؤه ومصباحه نصيب كرسي لتدريس فقه أهل البيت في مصر، وآخر لتدريس عقائدهم الكلامية، فانهما مرآتان تامتان مطابقتان لعقائد الخلفاء الراشدين والصحابة المنتجبين وفقههم وسيرتهم وهداهم وبيناتهم وعدلهم وزهدهم وأمانتهم وعباداتهم ومراوحتهم بين جباههمه وركبهم ورسوخهم في العلم وغوصهم في أنوار الرسالة فمن أراد أن ينظر اليهم فلينظر في هاتين المرآتين، وليوقد هذين المصباحين، وليقم هذين العمودين، وليشيد أركانهما بعلوم سائر الأعلام الأفذاذ المخلصين من أئمة المذاهب الاربعة وخلص أتباعهم.
فيأيها المسلمون لئن كفاكم مجمل القول المذكور فنعما هي، وان شئتم بعض البسط فأعيروني أسماعكم، أشرح لكم أولا الأمرين اللذين بنى العلامة الأكبر شيخ الإسلام عليهما الوحدة الإسلامية وهدف التقريب، وثانياً أبسط لكم الأمر الثالث الذي عززتهما به، ونرى احتياج ظهور التقريب الحقيقي العملي، وتوحيد الثقافة، ووحدة سنخ الفكر إليه.
أما الأمران، فأولهما: أن المسلم إذا عرف ـ كما عرفت المسلمون الأولون ـ أنه لا اعتزاز له الا بدين الإسلام الذي هو كلمة سواء بين المسلمين لا تختلف ولا تتخلف عن أي قوم منهم وأي مذهب، وعلم أنه لن يصلح في آخرته وأولاه الا به رسخ في نفسه حب دينه، وحب كل مسلم بما أنه أسلم لدينه شيعياً كان أو سنياً لاشتراك الجميع في الأساس الأصلي، وعدم تأثير تنوع الأفكار العلمية في ضعفه فضلا عنه في هدمه، وعلى هذا فلا يجتمع بغضهم ومعاداتهم، وترك الاعتزاز بهم وبما عندهم