/ صفحة 407/
أو احراق علي بن يوسف بن تاشفين، بحكم جماعة، كتب الغزالي حتى احياء العلوم باسم تحريم المنطق والحكمة واهواء أخر، وقتل أتباعه وقارئيها، وغير ذلك من الحوادث التي سجلها التاريخ.
و أما في الفقه، فقد أجمع المسلمون على وجوب العمل بالكتاب والسنة، فلابد لهم من الطرق الموصلة إلى السنة الواقعية، والى تفاصيل أحكام الكتاب وشئون التنزيل، والذي بأيدي الجامعة الإسلامية منها دليلان يوصلانهم إليها، ويؤتيانهم رشدهم وحجتهم: أحدهما طرق الصحابة، والآخر طرق أهل البيت، وهما الحافظان لفقه السلف الصالح الذي لا ريب فيه، ولمعظم العقائد السائدة على نفوس الصدر الأول، تلك النفوس الصافية الخائفة مقام ربها، والناهية لها عن الهوى، المقتبسة أنوار الرسالة.
وجوب الرجوع إلى الجوامع الأربعة عشر في الاجتهاد:
فيجب على المجتهدين الجمع بين طرق الصحابة المدون معظمها في الصحاح الستة لأهل السنة، وبين طرق أهل البيت المدون أكثرها في الجوامع الثمانية للامامية(1) مع النقد والتحقيق في معرفة رجال السند والاستنباط الدقيق في الدلالة واستفراغ الوسع فيهما، وفي أقسام العلاج بين المتعارضين، وتبصرة الفكر، وتمرين القوة بالاحاطة على فتاوى أصحاب المذاهب الخمسة.
و بذلك يكمل الاجتهاد المبنى على الفحص البالغ في النقليات، وعلى تشخيص
ـــــــــــ
(1) أما الشيعة فقد كان فقههم من أول يوم إلى الآن على نسق واحد، لأن مرجعهم فيه آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأما سائر المسلمين فقد تشتتوا أشتاتا لا تكاد تنضبط، فرجع أهل كل بلد إلى صحابي بلدهم أو سنة تلدهم، وكانوا في دولة الرشيدين يقلدون القاضي أبا يوسف ويحيى بن أكثم وأمثالهما، ولم يكن في دولة الأيوبية كثير ذكر لغير الشافعي ومالك، وكانوا يقلدون قبل الرشدين أمثال الزهري والثوري ومعمر بن راشد ومن قبلهم يقلدون فقهاء الأمصار كابن جريج المكي والأوزاعي الشامي ساكن بيروت، وأمثالهما، والكلام طويل، واليوم يوم الجمع لا يوم التفريق، ان شاء الله تعالى.