/ صفحة 406/
و أما سواء الكلمة الأخرى، والنمرقة الوسطى، وهي الأمر الثالث المعزز للأمرين، فهي اعادة المسلمين إلى عقائد السلف الصالح، والصدر الأول، والى فقههم وشريعتهم، أما في العقائد فبالغاء المقالات المحدثة، الا ما وافق منها محكمات الكتاب التي كان عليها وحدها ـ دون المتشابهات، وما يلحق بها ـ بناء الصحابة والسلف وأهل البيت وسادات التابعين، فلم يكن في عقائدهم جبر ولا تفويض ولا خلق الأعمال من المعاصي والطاعات، ولا عزل العقل السليم القاطع عن الحكومة، ولا تجسيم ولا تشبيه ولا تركيب في ذاته أو صفاته، أو بين ذاته وصفاته سبحانه، ولا أن يجعل له من عباده جزءا، ويجعل هو جزءاً من شيء، ولا كلما ينافي وحدته الصرفة، واحديته المحضة، أو ينافى تجرده أو تنزيهه أو تفرده بالقدم، أو افراده بالعبادة إلى غير ذلك، مما لم يكن في معارف الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام الذين أوتوا الكتاب والحكمة، وأهل بيت الرسالة، ولم يكن فيهم من يتبع ما تشابه من الكتاب والسنة، ولم يكونوا يقفون ما ليس لهم به علم، بل كانوا يقفون عند الشبهات، ويحصرون العلم في دائرة المحكمات إلى كفتهم مؤنة الجدال والتعمقات السفسطية بنور علم الكتاب الذي شاء الله سبحانه أن يقذفه في قلوبهم، مضافا إلى ما سمعوه أو فهموه من عقائد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).
و ما على المسلم بعد هذه الكلمة القيمة، سواء أكان سنياً أم شيعيا من مقالات معتزلي أو أعشري أو حشوي أو كرامي، أو جامد على كل لفظ ولو غير معقول يمجه سمع العلم والعالم السليم، أوعلى كل مشكوك مريب، أوعلى ظاهر لم يجمع عليه علماء الأمة فضلا عن أن يؤثر فيه أو يملك دينه، أو يسحر ذهنه، أو يسخر فكره، ويستخدم علمه وعمله أهواء الملوك وأعراض الرؤساء وعشاق الجاه والجبار السلاطين وآراء القضاة: كاجبار الدولة الصلاحية عامة السملمين في ممالكهم على عقائد حدثت في البصرة في القرن الرابع على لسان عالمها أبي الحسن الأشعري كائنة ما كانت وفيها الغث والسمين، والباطل والحق، والا قتل أو كفر،