/ صفحة 381/
لم يستطع أداءه في ذلك الاجل اتفقا على تأجيله سنة ثانية في مقابل زيادة يختلف مقدارها على حسب التراضى بينهم، ونضرب مثلا: مدينا كان عليه أن يسلم للدائن في أجل كذا حيوانا سنة ثلاث سنوات فإذا لم يدفعه إليه في ذلك الموعد أجله إلى السنة القابلة، لكن الحيوان يجب أن يكون سنه إذ ذاك أربع سنوات، ولقد كانت تصل الزيادة في بعض الأحيان إلى قدر رأس المال في آخر السنة الثانية فتصبح المائة مائتين، فان لم يؤد تضاعف رأس المال والفائدة معا فيصيران أربعمائة في آخر السنة الثالثة وهكذا.
وضرب آخر من هذه العقود أن يدفع الدائن لمدينة قدراً من المال لسنة، على أن يأخذ منه فائدة معينة كل شهر، فإذا جاء آخر السنة ولم يرد رأس المال اتفقا على فوائد أخرى للتأخير.
البلاد الإسلامية في العصر الحاضر:
لقد جاهد الإسلام والمسيحية قرونا متطاولة لا لمنع قانونية الربا فحسب، بل لمنع التعامل به اطلاقا.
بيد أننا رأينا آنفا كيف انتهى الأمر بالثورة الفرنسية في آخر القرن الثامن عشر أن قضت على هذه المقاومة في أوربا، وأقرت النظام الذي بقى فيها منبوذاً طوال ألف عام كاملة.
وكان طبيعياً أن تؤدى العلاقات المستمرة بين أجزاء العالم القديم إلى انتشار هذه الفكرة المادية رويداً رويداً وانتقالها إلى خارج أوربا. وهكذا لم ينتصف القرن التاسع عشر الا وقد سرت عدواها إلى البلاد الإسلامية، فبدأ بعض المسلمين يتعاملون بالربا لا اقراضا، بل اقتراضا، ثم اتسع الأمر وشاع عمليا، مع بقائه محظوراً قانونياً، ثم دخل الاذن به في دائرة التشريع تحت ضغط السلطات الأوربية المحتلة للأقطار الإسلامية، وبقيت الشعوب الإسلامية نفسها مدة طويلة متمردة على فكرة تأسيس مصارف وطنية تكون مهمتها التصرف في جميع المعاملات المالية التي منها القرض بفائدة.