/ صفحة 322 /
ثلاث والخمسين وتسعمائة(1)، وانتقل وهو صغير مع والده، وكان من العلماء إلى إيران، وهناك تعلم ونبغ وذاع صيته، وهو لا يزال في سن الشباب وما لبث أن أسندت إليه مشيخة الإسلام في هراة. ولكنه رغب في السياحة والسفر، فبداً بالتوجه إلى الحجاز للحج والزيارة، وأقام هناك فترة اجتمع فيها مع من كانوا يقيمون في الحجاز من العلماء من مختلف البلاد. ثم شرع بعد ذلك في رحلات كثيرة قضى فيها ثلاثين سنة. وأقام في مصر مدة عرف أثناءها علماء القرهرة وأعيانها، ونحن نجد تفاصيل أخباره المتصلة باقامته في القاهرة في كتابين مفيدين للمحبي والخفاجي (2)، ولم يجد بهاء الدين في مصر في ذلك الوقت ما وجده في الحجاز وايران والشام وغيرها من البلاد الإسلامية التي زارها من العناية بالعلم بالرغم من إعجابه بذكاء المصريين، فأسف لذلك، وشاركه هذا الأسف صديقه القاهرى السيد محمد البكرى وكانا يتبادلان الود والتقدير، وعبر بهاء الدين عن رثائه الحالة العلم في مصر إذ ذاك، في قصيدة مدح بها السيد محمد البكرى، فقال:
من شاء أن يحيى سعيداً بها *** منعما في عيشة راضية
فليدَع ِ العلم وأصحابه *** وليجعل الجهل له غاشية
والطب والمنطق في جانب *** والنحو والتفسير في زاوية
وليترك الدرس وتدريسه *** والمتن والشرح مع الحاشية(3)
وكان البهاء العاملى مقيما في مصر سنة 992 كما يظهر من اشارات له متعددة في كتابه الكشكول (4) وكان دائم الصلة أثناء رحلاته بذويه في هراة وبأصحابه في مختلف البلاد الإسلامية ممن عرف أقدارهم وعقد العلم بينه وبينهم علائق المودة
ـــــــــــــــــــــ
(1) روضات الجنات ص 535 أواخر الصفحة
(2) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادى عشر للمحبى، القاهره سنة 1284، ج 3 ص 240 ـ 253، وريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا لشهاب الدين أحمد الخفاجى، بالقرهرة سنة 1273، ص 103 وما بعدها
(3) ريحانة الألبا، للخفاجى، ص 106
(4) أنظر مثلا ص 16 وص 18 من طبعة القاهرة سنة 1288