/ صفحة 321 /
التي سماها صاحب رياضى العلماء باسم الرسالة الصناعية، وفيها ما يشهد لهذا الحكيم بالأصالة والراغبة في تجديد الموضوعات، إذ لايخفى أن البحث في الصنائع وطبقات الصناع، كان مما يدخل في نطاق العلوم العملية عند السابقين، ويختص بها العلم المسمى "تدبير المنزل" وهو علم يتفق في موضوعه مع "الاقتصاد السياسى" في الموقت الحاضر.
أما الأستاذ الثاني لصدر الدين، فهو بهاء الدين محمد بن حسين بن عبدالصمد العاملى الحارئى الجباعى، وهو رجل فذ، اشتغل بجميع العلوم الدينية نقلية وعقلية، كما اشتغل بالفلسفة والرياضة والفلك والأدب والشعر، وله في جميع ذلك آثار محمودة، تشهد له بسعة التحصيل ودقة النظر، وهو بدون شك من أعظم شخصيات العالم الإسلامي في القرن الحادى عشر.
وأحب قبل الكتابة عن سيرته باختصار، أن أنبه إلى خطأ وقع فيه بعض المعاصرين: ذلك أن الأستاذ قدرى حافظ طوقان وضع كتابا في "تراث العرب العلمى في الرياضيات والفلك"(1) أنكر فيه نسبة البهاء العاملى إلى جبل عامل ونسبه إلى قرية اسمها آمل، وعلى ذلك سماه "الآملى". وهذا خلط سببه أن المستشرقين الذين نقل عنهم المؤلف، وهم من غير المحققين، أغفلوا رسم العين في كلمة العاملى، فنقل الأستاذ عنهم على حسب طريقتهم في النطق والرسم ولم يحاول الرجوع إلى ما كتبه المؤر خون من معاصرى العاملى، ولا إلى ما كتبه العاملى نفسه. والحقيقة أنه ينسب إلى جبل عامل في الشام، حيث تعيش جالية شيعية منذ من طويل، والى جبل عامل ينتسب كثير من علماء الشيعة، أفرد لبعضهم كتاب قيم مشهور(2).
ولد بهاء الدين بمدينة بعلبك يوم اخميس لثلاث عشرة بقين من المحرم سنة
ـــــــــــــــــــــ
(1) مطبوع في القاهرة سنة 1941
(2) أمل الآمل في ذكر علماء جبل عامل، وغيرهم من المتأخرين عن زمان الشيخ الطوسي لمؤلفه الشيخ محمد بن الحسن بن على الحر العاملي.