/ صفحة 303 /
فلسفة محمّد عبده
لحضرة الأستاذ الذكتور عثمان أمين
أستاذ تاريخ الفسلفة مجامعة فؤاد الأول
محمد عبده من أبرز شخصيات التاريخ الإسلامي الحديث ; ان أحداً في مصر لايجهل اسم "الأستاذ الامام" ومع ذلك يبدوان هذا المفكر لم يعرفه قومه كما ينبغى أن يعرفوه، ولم يلق انصافاً من معاصريه: فمنذ قرابة نصف قرن من الزمان، دفع الحسد الشخصى، أو التعصب المذهبي، أو التعصب المذهبى، أو الخصومة الحزبية إلى رسم صورة له مشوهة، كما أدت المعرفة السطحية لآرائه إلى تأويلات زائفة تبطلها آثاره، كما تنكرها حياته نكراناً واضحا.
ولما كان قصدنا أن نضع الامام في المقام اللائق به، وأن نقدر فكره حق قدره، فقد حاولنا الانتفاع بجميع المصادر التي وصلت الينا عنه وعن معاصريه. وإذا كانت أعمال محمد عبده تعرفنا بالفيلسوف، والمصلح، وعالم الدين، فان رسائله ودروسه وأحاديثه، تكشف لنا عن شخصيته في جلاء، وهذا ما يجعله عندنا خليقاً بالاهتمام: ان المذهب الفلسفى الصادق ليس نظرية قائمة على المجردات، وإنّما هو في صميمه عمل أخلاقي، له من القيمة بقدر ما فيه من صاحبه، وبقدر ما وضع الرجل فيه من نفسه.