/ صفحة 301 /
صدوره من شيخ مشايخ الامامية المخالفته لأصول المذهب، لأنه يقر
فكرة الجبر التي تنكرها الفرقة الاثثى عشرية أشد الانكار، ولوكان ممن يرى هذا الرأى، لعرف واشتهر ونقل عن كتابه المشهور "البيان في تأليف القرآن" أو عن آثاره الأخرى الكثيرة التي تقرب من ثلثمانة كتاب في مختلف العلوم والفنون، والذى نحتمله بل ونعتقده أن الشيخ المفيد معروف لدى العام والخاص بقوة الجدل والمناقشة والتمرس بفن المناظرة والمحاورة، وكان كسقراط مع تلاميذه يحاورهم في المسائل الدقيقة لاختبار عقولهم ومعرفتهم بما يلقيه عليهم من شبهات المعتزلة من آراء النظام وأصحابه القائلين بالصرفة كأبى اسحاقى النصيبى، وعباد بن سليمان الصيمرى، وهشام بن عمرو القوطى، والمردار، وأبى الحسين البصرى وأمثالهم هذا عدا ما كان ينفرد به من خوض المعارك الكلامية، والمناظرات الفقهية ومجادلانه في المنقول والمعقول في مجالس العلماء والامراء مع مخالفيه فيورد عليهم الآراء والنظريات المشكلة التي يقولون بها حسب مذهبهم، ثم يقارع حجتهم بالحجة، ويفند الدليل بالدليل، ولا يبعد أن مسألة الصرفه كانت احدى تلك المسائل التي ناظر بها أقطاب المعتزلة، فوقع في نفوس البعض أنه من القائلين بها وهو اشتباه لايستند إلى بحث وتحقيق. كثيراً ما وقع مثل هذا في نقل الآراء ورواية الأخبار، واستنساخ والكتب والآثار.
أما ما نسب إلى تلميذه الشريف المرتضى من قبل العلما فيجيب عنه علامتنا السيد هبه الدين الحسينى في رسالته (المعجره الخالده) بقوله: نسبة هذا الرأى إلى علامتناالشريف المرتضى على بن أحمد التوفي سنه 436 هـ، فانه - طاب ثراه معروف به قوه الجدل والتحول في حوار المناظرين إلى هنا وهناك فلا نعلم هل بقى ثابتا على هذا النظريه كعقيده راسخه، أوتحول عنها؟ وهذاالمذهب أعوج أعرج، أو كما قيل، حرفة عاجز وحجة كسول، لايليق أسناده إلى علمائنا الفحول، لأن الله عز شأنه، فياض العدل، ذو رأفة وفضل، فهو أرفع شأنا من أن يأمر الانس والجن بأن يباروا القرآن، ويرضى منهم بمباراة بعضه لو تعذر عليهم كله. ثم يعترض سبيلهم، ويصرف منهم القوة والهمة، ويمنعهم من أن يأتوا بماأراد منهم.