/ صفحة 298 /
12 - من حيث انه لايخلق على طول الأزمان، ولايمل منه، بل كلما تلوته ونظرته وجدته طرياً، وهذه الخاصية لاتوجد في غيره.
* * *
وممن يرى هذا الرأى السديد من الأئمة المعاصرين الامام المصلح أستاذنا الأكبر الحجة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء، فقد جاه في كتابه: "الدين والاسلام" ما ملخصه: حقيقة الاعجاز هو الكلام الذي يعجز عامة أهل اللسان عن الاتيان بمثله، أو الاتيان بما هومن نسخه، وعلى طرزه وأسلوبه، كهذا الاعجاز المحمدى، فان وراءاعجازه ما عجز أهل اللسان عن مباراته وأدهشهم. وأعجزهم عن معرفة نزعته وجنسيته، فلم يعرفوا والى الآن، أنه من قبيل الشعر أو الخطب أو الرسائل أو الرجز أو الهزج أو غير ذلك من أنواع الكلام وأمهات أبوابه، نعم ما عرفوا سوى أنه خارج عن تلك الأنواع غير داخل في شى ء من هاتيك الأبواب، ما أصابوا من حقيقته سوى أنهم ما أصابوها، وما عرفوا غير أنها غريبة ما عرفوها، ومنتهى فساد القول بأن اعجاز القرآن ليس هو بجوهره وذاته، بل بالحجز عنه والصرفة دونه، ان ذلك الا راى عازب وقول كاذب، قول من لم يجعل الله له من معرفة البلاغة حظا، ولا حصل من شرائف حقائقها ومعانيها الا حكاية ولفظا، فمن ضائقة العجز والجهالة، لجأ إلى هذه المقالة، وظل يخبط في أمثال هذه الضلالة، ولست أدرى لهذه الشبهة صورة صدق ولباس حق يدعو إلى توفر العناية في شأنها، وايضاح بطلانها، لاسيما وكل من عنى بهذا الشأن وتصدى لعلم بلاغة القرآن قد شنع على هذا القول، وبالغ في بطلانه واحالته، على أن من نسب إليه ذلك لم ينقل عنه
الاستناد إلى حجة ولو ضعيفة، والتعويل على شبهة ولو سخيفة، وإنّما هو رأى رآه، أو احتمال أبداه، والسداد عزيز والصواب معوز، الا بتأييد من الله ولطف منه، واليه نرغب في ذلك، فانه منتهى الرغبة، ومحط نجاح كل حاجة وهو أرحم الراحمين.
وقد أصدر قبل أيام علامتنا الحكيم السيد هبة الدين الحسينى، المشهور بالشهرستانى رسالته (المعجزة الخالدة) تناولت البحث عن أسرار معجزة القرآن