/ صفحة 296 /
السيد عبدالله شبّر المتوفي سنة 1242 هـ، فقد شرح في كتابه:(حق اليقين في أصول الدين) وجوه اعجاز القرآن، فقال:
قد وقع الخلاف بين العلماء في وجه اعجاز القرآن، هل هو لأجل كونه في أعلى مراتب الفصاحة، ومنتهى مرتبة البلاغة، بحيث لايمكن الوصول إليه، ولا يتصور الأتيان بمثله، أومن جهة أن الله تعالى صرف قلوب الخلائق عن الاتيان بمثله، وان كان ممكناً، والأكثر على الأول.
والحق أن اعجاز القرآن لوجوه عديدة، نذكر جملة منها.
1 - مع كونه مركباً من الحروف الهجائية المفردة، التي يقدر على تأليفها كل أحد، يعجز الخلق عن تركيب مثله بهذا التركيب العجيب، والنمط الغريب، كما في تفسير العسكرى عليه السلام في (الم) قال: معناه أن هذا الكتاب الذي أنزلته هو الحروف المقطعة التي منها (ألف، لام، ميم) وهو بلغتكم، وحروف هجائكم "فأتوا بمثله ان كنتم صادقين".
2 - من حيث امتيازه عن غيره مع اتحاد اللغة، فان كل كلام وان كان في منتهى الفصاحة وغاية البلاغة، إذا زين ورصع بجواهر الآيات القرآنية، وجدت له امتياراً تاماً وفرقاً واضحاً يشعر به كل ذى شعور، ونقل أنه كان في الأيام السالفة كل من
أنشأ كلاماً أو شعراً في غاية الفصاحة والبلاعة، علقه في الكعبة المعظمة للافتخار، والقصائد السبع المشهورة، فإذا أنشأ ما هو أبلغ منه رفعوا الأول وعلقوا الثاتى، فلما نزل قوله تعالى: "وقيل يأرض ابلعى ماء كويا سماء أقلعى وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى" رفعوا المعلقات من الكعبة وأخفوها خوفا من الفضيحة.
3 - من جهة غرابات الأسلوب وأعجوب النظم، فان من تتبع كتب الفصحاء، أشعار البلغاء، وكلمات الحكماء، لايجدها شبيهة بهذا النظم العجيب، والأسلواب الغريب، والملاحة والفصاحة، ويكفيك نسبة الكفار له إلى السحر لأخذه بمجامع القلوب.