/ صفحة 288 /
لتتفق مع أصول الإسلام التي نعرفها من القرآن والحديث الصحيح، ومع هذا لا يصح المبادرة إلى استبعاد صدورها عنه، والتفكير في أنها مدسوسة عليه كما فعل أحد تلاميذه غير المباشرين وهو الشعراني المتوفد عام 973 هـ.
انه ليقول في مختصره للفتوحات، كما جاء بترجمة ابن عربي الملحقة بكتاب الفتوحات ج 4: 555 من المقرى: "وقد توقفت حال الاختصار في مواضع كثيرة منه، لم يظهر لي موافقتها لما عليه أهل السنة والجماعة، فحذفتها من هذا المختصر وربما سهوت فتبعت ما في الكتاب... ثم لم أزل كذلك أظن أن المواضع التي حذفت ثابتة عن الشيخ محيى الدين، حتى قدم علينا الاخ العالم الشريف شمس الدين أبي الطيب المدنى فذاكرته في ذلك، فأخرج لي نسخة من "الفتوحات" قابلها على النسخة التي عليها خط الشيخ محيى الدين نفسه بقونية، فلم أر فيها شيئاً مما توقفت فيه وحذفته، فعلمت أن النسخ التي بمصر الآن كلها من النسخ التي دسوا على الشيخ فيها ما يخالف عقائد أهل السنة والجماعة، كما وقع له ذلك في كتاب "الفصوص" وغيره".
لكن الباحث الذي يبحث لحق وحده، لا يرضيه هذا المنهج من الشعرانى، انه قد اعتقد بادىء الأمر موافقة ابن عربي لأهل السنة في العقيدة، فهو لهذا يحذف من كلامه ما يخالف ذلك، وتلك خطة اثمها اكبر من نفعها! ان هذه الخطة تشكك في الكتب المتوارثة عن أسلافنا الامجاد، بلا ضرورة أو برهان، اللهم الا الخوف من تهمة أحدهم بالرقة في الدين، وهذا ما لا ضرر فيه، وقد ذهب إلى رب يعلم السر وأخفى! أما التشكيك في التراث العلمى بلا دليل، فمن شأنه أن يدعو بعض من في قلوبهم مرض من المستشرقين وأمثالهم إلى الشك فيما هو صحيح ويقوم عليه الدين من هذه المؤلفات، وحينئذ يكون الخطر حقا، اننا حينئذ لا نستطيع أن ندفعهم عن الشك في هذا الكتاب أو ذاك، من الكتب التي نعتبرها صحيحة لا ريب في نسبتها لاصحابها، مادام طريق وصولها الينا ليس أكثر من طريق وصول
"الفتوحات" أو "فصوص الحكم" مثلاً !