/ صفحة 287 /
توفي في حدود عام 690 هـ، فلا يمكن أن يكون شيخاً لابن عربي الذي توفي عام 638 ونظن أن الأمر، بعد هذا، لا يحتاج إلى دليل آخر(1).
ونسبة بعض الوراقين بعض الكتب لغير أصحابها أمر معروف غير منكور وذلك لاسباب ليس الآن محل بيانها أو الإشارة إليها، بل ان ابن عربي نفسه قد أضيفت إليه رسالة في الأخلاق ليست له، ونشرها محيى الدين الكردي ضمن مجموع عام 1328 هـ على أنها له، كما نشرها غيره بعده مستقلة. وهذه الرسالة دخلت على كثير من العلماء، واعتقدوا أنها من مؤلفات الشيخ الأكبر، فرجعوا إليها لمعرفة مذهبه في النفس والأخلاق.
والحق أن هذه الرسالة ليست لفيلسوفنا الصوفي، ولا للجاحظ الذي نسبت إليه، ونشرت باسمه أحيانا، انها ليحيى بن عدى النصراني اليعقوبي، الذي انتهت إليه رياسة أهل المنطق في عصره ـ كما يقول القفطى ـ المتوفي ببغداد عام 363 هـ وإذا قابل الباحث هذه الرسالة المنسوبة لابن عربي، برسالة "تقريب الاخلاق" ليحيى بن عدي التي نشرها جرجس عوض بمصر عام 1913 هـ يجد نفسه أمام رسالة واحدة لا رسالتين، مما يدل على عدم صحة نسبتها إلى صاحب الفتوحات، فضلا عن أن المذهب الذي تقول به هذه الرسالة لا يتفق في شيء مع مذهب ابن عربي(2).
وبعد هذا، يحسن أن نتبه إلى أمر له خطورته في درس ابن عربي. ذلك أن قارىء كتبه: "الفصوص، والفتوحات" وغيرهما من المؤلفات صحيحة النسبة له يحس من أول الأمر أن فيها من النصوص ما يتعسر، ان لم نقل يتعذر، تأويلها
ـــــــــــــــــــــ
1- ومع هذا انظر نفح الطيب للمقرى ج 2: 376 من الطبعة المذكورة، ففيه أن ابن عربي وصل في تفسيره إلى آية: "وعلمناه من لدنا علما" من سورة الكهف، وألنه توفي ولم يكمله، وهذا طبعا غير التفسير الذي بأيدينا وينسب خطأ له.
2- وانظر ص 3، أصل وهامش، من دراسات في تاريخ الترجمة في الإسلام للدكتور كراوس.