/ صفحة 278 /
ان الحل يسير جداً، مثلها المشكلة معقدة جدا، إذ كلما رجع الإنسان إلى القانون الطبيعي والى العدالة الاجتماعية، ظفر بهذا الحل، وهو أمر موضوع في متناول بصيرة الإنسان.
فالقانون الطبيعي يوحى بأن معالجة الواقع حير من العمل على تغيير هذا الواقع، لأنه أقصر الطرق، وأقل نفقة، وأكثر جدوى. ولهذا وضع الاقتصاد الإسلامي مبدأ مسايرة الغرائز والميول النفسية، فقرر مبدأ: الحرية الاقتصادية، ولكي لا يساء استعمال هذه الحرية، لأن الإساءة مطبوعة في خصائص الغرائز والميول، وضع مبدأ القيد والمراقبة. وحتى يكون أساس هذا القيد وهذه المراقبة صالحين لكل زمان ومكان، ردهما إلى مبدأ أخلاقي يجعل نفى الظلم ملاك أمره، فقرر مبدأ "مصلحة المجموع مقدمة على مصلحة افرد" فقال في المادة 58 من مجلة الأحكام "التصرف على الرعية منوط بالمصلحة" أي مصلحة الجماعات، فلا يمنع عند الحاجة أن يخضع الاقتصاد إلى برنامج إحصاء وغير ذلك من التدابير الواقية. وتطبيقاً لهذا المبدأ وضع أيضاً سلسلة من المبادئ التبعية، فقرر تحريم احتكار ما كان ضروريا لحياة الجماعات، كما قرر تحريم الربا تحريماً باتا، ومنع كافة المعاملات الربوية وعاقب عليها، ليمنع طغيان رأس المال واستبداده بالعاطلين عن رءوس الأموال.
كما وضع مبدأ توازن العمل مع رأس المال، بأن جعل العمل يقوم مقام رأس المال، بل جعله رأس مال، حتى قرر في شركات المضاربة أنه إذا خسرت الشركة، توخذ الخسارة من الريح أولا، ثم من رأس المال، فإذا استغرقت الخسارة رأس المال فلا يلحق بالمضارب شيء، لأن العمل لما كان رأس مال مقابل، فقد فات بالخسارة أيضاً (أنظر المادتين 1345 و1428 من المجلة القائمة محل القانون المدني) وبذلك فتح باب التعاون الاقتصادي بين العمل ورأس المال على أساس عادل، يكفل تقدم العالم وازدهاره، من غير