/ صفحة 277 /
كحبه التملك والاقتناء وحب المنافسة والتفوق، وتجاهله الفوارق الطبيعية بين الافراد من حيث المواهب الفكرية والقوى الحيوية والجسدية، أما تفكير أصحابه بأنهم سيقضون على هذه الفوارق بتهذيب الناس وإعطائهم الفرص المتكافئة، وعندئذ يتخلى الناس عن غرائزهم وميولهم هذه إلى غرائز وميول جديدة، فلعمري، ان لم يكن هذا حلما وخيالا فانه أدخل في باب الوهم والخيال.
ان بواعث النفس لترقية شئون الحياة، تابعة لقانون ندرة السلع المفضلة التي يجرى وراءها الفرد بقصد حيازتها، فإذا اضمحل هذا القانون بحكم حصول كل الناس بشكل متساو على كل كايشتهون، الذكي كالغبي، والخامل كالمجد، لم يعد هناك معنى للحياة الا على أساس حيواني، والإنسان يربأ بنفسه أن يرتد حيواناً بعد أن قطع مرحلة لا بأس بها في سلم الحضارة.
وعيب الاقتصاد الاشتراكي، أنه يعوق تقدم العالم، إذ يمنع التعاون الاقتصادي بين الافراد لبناء المشاريع الكبرى ويسلمها للدولة، ان تسليم المشاريع الكبرى للدولة ليس بحل صحيح لعدم ارتكانه على قاعدة صحيحة، إذ الافراد أقدر من الدولة كما قلنا على إدارة هذا المشاريع، لأن أعمال الدولة متسمة على الدوام بميسم البطء والجمود وسوء الإدارة، فضلا عن أن الاقتصاد الاشتراكي لا يلغى المعاملات والقروض الربوية، وان كايخفض نسبتها.
ويأتي الاقتصاد الإسلامي فنجد أنه براه من هذه العيوب جميعها، لأنه هدى إلى اكتشاف الأسس الصالحة، فبني عليها قواعده وأرساها.
فقد وضع نصب عينيه التوازن بين مبدأين رئيسيين: الأول: تقدم العالم وازدهاره، والثاني: الحيلولة دون اقامة دولة للأغنياء كي لا يستبد رأس المال ولا يطغى. فكيف يجمع بين هذين النقيضين ويحفظ توازن العالم؟ وبعارة أخرى.
ان توازن هذين المبدأين هو مشكلة العالم الحديث القائمة اليوم، والباقية بلا حل، وقد واجهت لاقتصاد الإسلامي من قبل فحلها، فكيف حلها؟