/ صفحة 276 /
فبعيد عنه تماماً، لأنه اقتصاد خيالي إذ لم يعترف بأهمية الغرائز البشرية، وهذا واقعي، لأته قرر مبدأ مسايرة الغرائز والميول النفسية مع تقييده لها.
والسبب في ذلك، أن الاقتصاد الإسلامي قد شيدت أسسه على قواعد القانون الطبيعي، والعدل الاجتماعي في الحدود العملية، إذ أنه قد بني من أساسة على مبدأ صحيح وسليم، هو مبدأ مسايرة الغرائز والميول النفسية، فإباحة حق التملك مع تقييد هذا الحق بمبدأين عظيمين معدلين: توفير العنصر الأخلاقي، واستهداف المصلحة العامة للحيلولة دون قيام دولة للأغنياء أو لرأس المال.
وبعبارة أخرى، ان الاقتصاد الإسلامي، قد اعترف بهيمنة الغرائز البشرية على الإنسان، كما اعترف بسلطان الميول النفسية الأساسية عليه، فلم يشأ أن يصطدم بهذه القوى ـ كما فعل الاقتصاد الشيوعي وتحطم على صخورها، فاضطر أن ينشىء
له مرحلة انتقالية ـ وإنّما سايرها، لأن الاصطدام بهذه القوى، فضلاً عن أنه عقيم ووخيم العواقب، يعوق تقدم العالم.
والاقتصاد الإسلامي، بوضعه مبدأ مسايرة الغرائز البشرية والميول الفسية، لم يترك هذا المبدأ طليقاً مطلقاً، بل أنشأ له مبدأ القيد والمراقبة، هذا المبدأ الذي لم يفطن إليه الاقتصاد الرأسمالي الغربي الا في الأيام القريبة جداً، عند ما اصطدم بالاقتصاد الشيوعي، ومع ذلك فانه لم تؤدبه هذه الفطنة ـ التي أكره عليها ـ إلى اكتشاف أساس صالح يقيم عليه هذا القيد والمراقبة، كالذي وفق إليه الاقتصاد الإسلامي.
فعيب الاقتصاد الرأسمالي الغربي بعد أن أخضع للتوجيه والمراقبة، أنه أبقى رأس المال سيداً والعمل رقيقاً، ولم يعترف بامتيازات لهما متساوية، فبقيت مشكلة رأس المال والعمل (فضل القيمة Plus Value) من غير حل وهي المشكلة الكبرى القائمة إلى اليوم.
وعيب الاقتصاد الشيوعي، تجاهله غرائز الإنسان الأصلية وميوله النفسية