/ صفحة 275 /
الأخيرة في شكل الاقتصاد الموجه أو المسير Econamic Dirigee من غير استقرار عليه، في حين ولد الاقتصاد الإسلامي محاطاً بالحدود والقيود، ولهذا لم يسمع في أرجاء الممالك الشاسعة التي خضعت لقواعد هذا الاقتصاد أن جرى اتلاف المنتجات والمحاصيل للاحتفاظ بالأسعار العالية، ولو وقع شيء من ذلك لتكفل نظام التقرير الجزائي بقمعه، فضلاً عن أن هذا النظام كان يحارب الاحتكار، و
يعاقب المحتكرين المتحكمين في الأسواق.
ولقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن خلفاء الإسلام ومؤسسة الحسبة كانوا يسهرون على مراقبة الأسواق، وقد كان الخليفة عمر بن الخطاب ينزل إلى أسواق مدينة الرسول ويراقب كل ما يجري فيها، وقد أغلق في بعض جولاته عدداً من الحوانيت، لأنه اكتشف أن أصحابها يجهلون المعاملات الاقتصادية النظيفة، وقد أنذر أصحاب هذه الحوانيت أن حوانيتهم ستظل مغلقة حتى يتعلموا أصول التعامل الاقتصادي كما رسمه الإسلام ومن يفتح اليوم أي كتاب في (الحسبة) يجد باباً خاصاً يبحث عن (المعاملات المنكرة) أي المعاملات الاقتصادية التي يشجبها الإسلام ويعاقب عليها وهي كثيرة.
النتيجة:
يتضح من هذه الدراسة الخاطفة والاستعراض الموجز جداً الذي قدمناه لتعيين موقع الاقتصاد الإسلامي من الاقتصادين: الرأسمالي والشيوعي أو الاشتراكي:
أولاً: أن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد رأسمالي فردي من نوع خاص.
ثانياً: أن الاقتصاد الإسلامي لا موقع له بين هذه النظم الاقتصادية، لأنه فريد في بابه ونسيج وحده، لأنه وفق بين مبدأين يبدوان متناقضين: تقدم العالم وازدهاره; والحيلولة دون اقامة دولة للأغنياء أو لرأس المال، وذلك لارتكازه على أسس مختلفة مع الأسس التي قامت عليها تلك النظم.
ثالثاً: أن الاقتصاد الإسلامي فيه من الرأسمالية الفردية خير ما لديها دون شروها، وفيه من الاشتراكية أحسن ما لديها دون عيوبها، أما الاقتصاد الشيوعي