/ صفحة 274 /
المشار إليها، حتى شمل فاقدي الحرية من الرقيق، ولم ينس المثقلين بالديون فأنه مع تأجبله لديونهم إلى وقت الميسرة "وان كان ذو عسرة، فنظرة إلى ميسرة" أفسح لهم المجال ليستأنفوا نشاطهم الاقتصادي من جديد، بأن ادخر نصيبيهم المفروض من ميزانية الزكاة يحفظ لهم في خزينة الدولة وهو الثمن ـ كغيرهم من الأصناف الذين أشرنا إليهم ـ من حاصل ما جمع، وهو رأسمال جديد يبدءون أو يربحوا المعركة التي خسروها قبلا، لأن حلبة المزاحمة والمنافسة مفتوحة أمامهم بشروط معتدلة مدى الحياة. وهكذا نجد أن الاقتصاد الإسلامي، لم يترك وسلية من الوسائل الا أخذبها، ليجعل أسلحة المتزاحمين في معركة الحياة متكافئة بصورة عملية.
من الجدير بالملاحظة، أن الاقتصاد الإسلامي، بتمهيده للمزاحمة المتكافئة على الوجه الذي بسطناه يحتم ظهور طبقة وافرة العدد من صغار الرأسماليين كلما مات رأسمالي كبير مسلم، وكلما ولد عام جديد، حيث يبدأ صندوق الزكاة بالتوزيع على المستحقين، مع العلم أنه إذا لم يظهر مستحق لصنف من الأصناف الثمانية المعدودين عاد نصيبه إلى الأصناف الأخرى، فيكون نصيب المستحق سبعاً أو سدسا... الخ.
بعد هذا، نأتي على ذكر القاعدة الثالثة في الاقتصاد الرأسمالي وهي (الحرية) ان الحرية الاقتصادية شرط أساسي لأزدها والاقتصاد الرأسمالي من غير شك. غير أن مفهوم هذه الحرية يختلف بين الاقتصاد الإسلامي، وبين الاقتصاد الغربي اختلافاً بيناً، فبينما هي حرية مطلقة إلى أبعد حدود الاصلاق في هذا الأخير، لقيامها على سياسة الباب المفتوح Laissez faire إذا هي في الاقتصاد الإسلامي مقيدة بقيدين خطيرين: المبدأ الأخلاقي، والمصلحة الاجتماعية.
وتظهر هذه الفوارق واضحة بين هذين الاقتصادين من أن الحرية الاقتصادية قد تطورت في الاقتصاد الغربي تطورا طويلاً، حتى اهتدى أصحابه إلى صوره من صوره