/ صفحة 272 /
ولهذا لا تجد في تاريخ الاقتصاد الإسلامي أي تصادم أو أي ثورة فرمنها رأس المال، وللسبب نفسه لا تجد أيضاً في البلاد التي حكمها هذا الاقتصاد، أثرا للملكيات الكبيرة أو لرءوس الأموال الضخمة، الا عند ما ينحرف الذين بيدهم السلطان عن دستور هذا الاقتصاد، وتجد هذا التصادم والثورة واضحين في أوروبا إذ يفرضهما رأس المال هناك فرضا.
ان هذين المظهرين: مظهر تفتيت الثروة واحالتها إلى ملكيات متوسطة وصغيرة، ومظهر تحريم الربا، يبعدان الاقتصاد الإسلامي عن الاصطباغ بالصبغة الفردية المفرقة التي هي طابع الاقتصاد الرأسمالي الغربي.
فالاقتصاد الإسلامي من هذه الجهة، اقتصار رأس مالي فردى من نوع خاص له حسنات النظام الرأسمالي افردي ولكن ليست له عيوبه، لأنه قائم على معيار أخلاقي يجعل فرديته مقيدة بالمصلحة العامة بصورة مقصودة وواضحة، لا عفوية ولا غامضة.
نأتي الآن على بحث (المزاحمة) التي هي وسيلة الاقتصاد الإسلامي كما هي وسيلة الاقتصاد الغربي لنقول ان هذه الوسيلة مختلفة في هذين النظامين الرأسماليين كاختلافهما في مفهوم الفردية الاقتصادية.
لقدها جم دعاة الاقتصاد الشيوعي والاشتراكي مبدأ المزاحمة هذا بقولهم:
ـــــــــــــــــــــ
1- وفضل القيمة هو الذي يعتبره الاقتصاد الشيوعي السرقة الكبرى، التي يسرقها أصحاب رؤس الأموال في المصانع من عمالهم لأنها الفرق الحاصل بين تكاليف القطعة المصنوعة بما فيها أجور العمال، وبين قيمتها في السوق، تلك القيمة التي يربحها أصحاب المصانع، مع أن للعمال الذين أنتجوها حق المقاسمة فيها.
أنها مزاحمة بين مجتمع ليس أفراده متكافئين بأسلحتهم، ولكي تكون مزاحمة حرة، يجب تسليح الناس جميعاً بسلاح واحد ثم تركهم يتنافسون في معركة الحياة ذلك أن الناس ليسوا متساوين في الظروف ولا في الكفاءات الطبيعية، ولا في القوة الاقتصادية، ولا في انحصار الملك والإرث، إذ منهم من حبته الطبيعة بالذكاء أو بالقوة الجسدية، أو بالثروة الموروثة، ومنهم من حرمته من كل ذلك.
ونحن من جانبنا، يجب قبل البحث في تكافؤ الأسلحة، أن نسقط من حسابنا القوى الجسدية، والمواهب المكرية، إذ ليس في استطاعتنا أن نصحح أسلوب الطبيعة، أو قانون الوراثة، كما أنه ليس من المعقول أن نقلل من قوة ذوي البنية