/ صفحة 270 /
مقرر لديه، أن حصر الثروة في يد فرد: وارث أو موصى له ـ يؤدى حتما إلى إقامة دولة من العسف والطغيان "ان الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى".
اذن فالاقتصاد الإسلامي، مؤسس على رعاية المصلحة العامة، وقائم على محاربة طغيان رأس المال الكبير من غير غلو ولا تطرف.
على أنه لم ينح نحو الاقتصاد الشيوعي فيمحو الملكية محواً تاما، ولا فعل كما فعل الاقتصاد الاشتراكي من محو الملكية الكبيرة والإبقاء على الصغيرة وتسليم الأولى للدولة ليديرها طبقة من الموظفين، فيكون قد نقلها من يد قوية إلى يد أقوى، بل عمد إلى طريقة خير من هذه الطرائق: عمد إلى وسيلة تمنع تجمع المال الوفير، وجعله يتسرب إلى المجتمع شيئا فشيئا، لأنه قد لا حظ مسبقاً، أن رأس المال الكبير سواء أكان في يد أفراد من الشعب، أم في يد موظفي الدولة، هو سلاح خطر يمكن أساءة استعماله من كلا الفريقين، بل قد لا حظ أنه في يد فريق الموظفين أشد خطراً
على المجتمع لأن في يدهم القوة السياسية أيضاً، ولهذا جنح إلى تفتيته بقدر يستفيد منه المجتمع من غير أن يكون خطراً في يد الفرد.
وهكذا نجد أن الاقتصاد الإسلامي قد اتخذ موقفاً فريداً، فآلت إجراءاته إلى إيجاد "نظام الملكيات الوسطى والصغيرة" ليقي أفراد المجتمع طغيان رأس المال الكبير وليجنبهم عسف دولة الأغنياء، وليأمن أيضاً انقلاب دولة الموظفين أشد عسفاً وطفيانا لاجتماع القوة السياسية في أيديهم أيضاً.
والمظهر الثاني: (لاستهداف الاقتصاد الإسلامي مصلحة المجتمع بصورة مقصودة) تحريمه الربا، فقد شن حربا لاهوادة فيها على كافة المعاملات والقروض الربوية، وفي ذلك يقول الدستور الاقتصادي في الإسلام: "يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا أن كنتم مؤمنين، فأن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وان تبتم فلكم رؤس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون".
والغرض الذي رمى إليه الاقتصاد الإسلامي من تحريم الربا هو إخضاع المعاملات الاقتصادية بكافة وجوها، إلى قاعدة ثابتة عادلة، وقد أفرغها في هذا