/ صفحة 264 /
من أكبر عيوب المزاحمة، أنها تؤدى إلى تبذير القوى الانتاجية، ومن ثم إلى تعطيل رءس الأموال وصرفها عبثا، ولا ادل على ذلك، كما يقولون، من رؤيتنا كيف يحمل الدمار والخراب والافلاس الاقتصادي بين المتزاحمين من اصحاب الانتاج الموحد.
ولتدارك هذا الخراب قبل حلوله، نجد أن المنتجين يخفون إلى تكوين اتحادات بينهم، سواء أكانت من نوع، "الكارتل" أم من نوع "التروست". ولتقريب ذلك إلى فهم القارى فهم القارىء، نذكره بما يقع عادة في سورية ولبنان بين أصحاب معامل الجليد "الثلج" في أيام الصيف، أو بين أصحاب المطاحن، من اغلاق كافة معامل الجليد وتشغيل معمل واحد بصورة دورية في كل أسبوع، ليظل سعر قالب الثلج واحداً طول فصل الحر، فيثرى منه أصحاب المعامل.
وفي كلتا الحالتين، نجد أن المزاحمة في الاقتصاد الرأسمالي، قاعدة مجرمة سواء في حق الرأسماليين أوفي حق المستهلكين، لأنها في حق الأولين، سبيل إلى الخراب الاقتصادي، إذا لم يقع اتحاد بينهم، لأنهم يعمدون إلى المضاربة فيفلسون. وهي في حق التالين مؤامرة مكشوفة، وسلب في حمى القانون، ناهيك عن أن شروط المزاحمة الحرة في النظام الرأسمالي ـ وهي تسليح الناس بسلاح متكافيء ـ مفقودة تماما.
3 - وأما العيب الثالث في الاقتصاد الرأسمالي كما يراه الاقتصاد الشيوعي، فهو الحرية الاقتصادية المطلقة التي لا تعنى سوى الفوضى، فالاقتصاد الرأسمالي فوضوى إلى حد بعيد. لأنه يترك الفرد حراً في انتاج ما يشاء كيفما يشاء، أي نوعا وكماً، دون أن يحسب حسابا لما ينتجه الاخرون أمثاله، فيؤدى ذلك إلى فائض في انتاج نوع من السلع، والى الندرة في نوع آخر، وينشأ عن عدم التوازن والانسجام هذه الفوضى التي يعقبها من غير شك، الأزمات الاقتصادية المخيفة، حتى إذا انفرجت أزمة جاءت أخرى، وهكذا لعدم وجود ضابط أو منهاج للاقتصاد الرأسمالي، ولأن هذه الحرية في حقيقتها لا تستهدف سوى مصلحة الفرد الشخصية وتسقط من حسابها المصلحة العامة.