/ صفحة 263 /
رأس المال، وإذا السلب المنظم والنهب المقنع تحت أسماء مختلفة من أعمال المصارف والبنوك والشركات الاستثمارية، يصبح دستورا مقدسا، وحقاً مشروعا لاجدال فيه.
ويرى الناس البؤس والفاقة والمسغبة، منيخة بكلا كلها على ملايين من البشر المتعطلين، ويرى الناس الطفولة المشردة، والشيخوخة المتسكعة، والنساء الهائمات على وجوههن، وفي الناس قلوب تتحرك، وعقول تصطرع، وفي يد بعضهم أقلام يراها الظلم وأشرعها العدم، فغمسها أصحابها بدموع الملايين من أولئك الأطفال المشردين، وغذوها بآهات المحاويج، فولدت الشيوعية، وهبت ثورات العمال كاسحة ماحقة، فتحطمت الآلات وخرجت المصانع، وبدأ العالم الجائع المقهور في عواطفه، المحروم من كسائه وغذائه ومعرفته يتتجع كالفراش حول الشعلة الحمراء إلى أن أصبحت هذه الفكرة الملتهبة حقيقة دولية في أكبر ممالك الأرض اتساعا وأعنى بها روسيا السوفياتية التي أضحت رمز الاقتصاد الشيوعي.
"ثانيا" ـ الاقتصاد الشيوعي
في هذا الجو الرأسمالي المحموم، المتعثر بالمشاكل الكثيرة، وتحت اللهب الأحمر، والدخان المتصاعد، وبين الجياع المشردين الذين حطموا الآلات وخربوا المصانع، وفي رأى بعض ذوى الأقلام المنكوبة، ولد الاقتصاد الشيوعي وغايته أن يحل محل الاقتصاد الرأسمالي الهرم، ليضمن العيش لكافة الناس بالتساوى أما وسيلته فالعنف والثوة، وأما حججه فكما يأتى:
1 ـ لما كان الركن الأول للاقتصاد الرأسمالي هو المصلحة الشخصية، فانه يئول إلى تكديس الثروة بيد الأقليه، وحرمان الأكثرية من تدارك الحاجات الضرورية، وبالتالى تضحية مصلحة الأكثرية في سبيل رفاهيته أقلية ضئيلة، وخلق تفاوت عظيم بين الناس يجعلهم طبقات يحارب بعضهم بعضا، حرب الطبقات والاستثمار.
2 - وإذا كان الركن الثاني لاقتصاد الرأسمالي هو المزاحمة الحرة، فإن